في خطوة تعكس تعزيز العلاقات بين السودان وروسيا، أعلن وزير الخارجية السوداني علي يوسف الشريف عن توصل الخرطوم وموسكو إلى اتفاق حول إنشاء قاعدة بحرية روسية على البحر الأحمر. 
جاءت هذه التصريحات عقب محادثات أجراها الوزير السوداني مع نظيره الروسي سيرجي لافروف في موسكو، حيث أكد الشريف أن الطرفين "متفقان تماما" بشأن المشروع ولا توجد أي عقبات أمام تنفيذه.

اتفاق تاريخي ومراجعة مستمرة

الحديث عن إقامة قاعدة بحرية روسية في السودان لم يكن جديدًا، إذ يعود إلى سنوات ماضية وتحديدًا في عهد الرئيس السوداني السابق عمر البشير. 
وقد تم توقيع اتفاق بهذا الشأن قبل الإطاحة بالبشير في 2019، إلا أن قادة الجيش السوداني الذين تولوا السلطة بعد تلك الفترة أكدوا أن الخطة كانت قيد المراجعة والتقييم. وبحسب تصريحات وزير الخارجية السوداني، تم التغلب على جميع العقبات التي كانت تواجه هذا المشروع، مما يعكس توافقًا كاملًا بين الجانبين روسيا والسودان.

روسيا تسعى لتعزيز وجودها الاستراتيجي في البحر الأحمر

تعكس هذه الخطوة استراتيجية روسيا لتعزيز وجودها العسكري في منطقة البحر الأحمر ذات الأهمية الاستراتيجية، خاصة في ظل الأزمات السياسية والعسكرية التي شهدتها بعض الدول في المنطقة. 
كما تزداد أهمية البحر الأحمر في سياق الصراع العالمي حول السيطرة على طرق الملاحة الدولية والتجارة البحرية. 
تشير التحليلات إلى أن وجود قاعدة روسية في هذه المنطقة سيكون مفيدًا لروسيا من الناحية العسكرية واللوجستية، خاصة في إطار تعزيز قدرتها على تنفيذ عمليات بحرية في منطقة شديدة الأهمية.

روسيا والسودان: تعاون متزايد في زمن الحرب

في وقت سابق، قامت روسيا بتعزيز علاقاتها مع مختلف الأطراف السودانية، بما في ذلك الجيش السوداني، وسط الحرب الأهلية المستمرة في السودان منذ نحو عامين. 
وقد زار مسؤولون روس مدينة بورتسودان، التي تعد مركزًا هامًا للجيش السوداني خلال الصراع الدائر. تشير التقارير إلى أن روسيا عرضت أيضًا على السودان محطات تزويد بالوقود على البحر الأحمر مقابل أسلحة وذخيرة، وهو ما يعكس رغبة موسكو في تعزيز تواجدها العسكري والاقتصادي في المنطقة.

التوترات في سوريا وتوجهات روسيا نحو البحر الأحمر

علاوة على ذلك، تبرز أهمية هذا الاتفاق في ظل التوترات الإقليمية والدولية المتعلقة بالوضع في سوريا.
فمنذ اندلاع النزاع في سوريا وسقوط نظام بشار الأسد، تزايدت الشكوك حول مستقبل القواعد العسكرية الروسية في المنطقة، الأمر الذي قد يجعل البحر الأحمر نقطة تحول استراتيجية لروسيا في تأمين مصالحها العسكرية.

التأثيرات المحتملة للقاعدة البحرية الروسية

يتوقع أن يكون لهذا الاتفاق تأثير كبير على التوازنات السياسية في المنطقة، خصوصًا مع دول مثل مصر والسعودية التي تراقب عن كثب أي توسع عسكري في منطقة البحر الأحمر. 
من المتوقع أن تتسبب القاعدة الروسية في زيادة التوترات الإقليمية نظرًا لموقع البحر الأحمر الحيوي في التجارة والملاحة البحرية.
يبدو أن الاتفاق السوداني الروسي على إنشاء قاعدة بحرية على البحر الأحمر ليس مجرد خطوة عسكرية، بل جزء من إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية والدولية في الشرق الأوسط وأفريقيا. 
هذا التطور يعكس زيادة اهتمام روسيا بتوسيع نفوذها العسكري في مناطق استراتيجية في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة تغيرات سياسية وأمنية متسارعة.