أرض المملكة

أَسَلْنَا الكثير من الحبر في ردنا على ترامب .. - أرض المملكة

جو 24 :

 

أفهم ردة الفعل التي انطلق منها عدد كبير من الكتاب والمحللين وصناع القرار والسياسيين والنقابيين والإعلاميين في برامجهم الإخبارية والتحليلية وحتى المواطن العادي حول ما تحدث به الرئيس الأمريكي" والتي غلب عليها بالمجمل العاطفة والالتفاف حول الوطن وقيادته، وإن الأردن الرسمي قادر على امتصاص هكذا فقاعات، ولطالما تعرض لها منذ تكوين الدولة وتجاوزها بفضل الله. نعم، أتفهم خوفهم وحذرهم وخصوصاً عندما يصدر هكذا تصريح من الرجل الأول في العالم، والأكثر دعمًا للكيان الإسرائيلي، حسب ما تحدث به مرارًا وتكرارًا في حملته الانتخابية، ولكن بقناعتي أن هذا الأمر يحتاج إلى بعد آخر بعيدًا عن العاطفة، وخصوصًا أن من أطلقه يهتم بالتجارة والربح والخسارة اكثر من السياسة ودبلوماسيتها . ومن هنا علينا أن نقسم التصريح إلى نصفين: الأول في موضوع التهجير والآخر بموضوع المساعدات الأمريكية التي تقدمها الولايات المتحدة إلى الأردن والكثير من الدول ومنها مصر والكيان ..

، كلنا يعلم أن برنامج ترامب الأصلي منبثق من برنامج اقتصادي تجاري بحت، وهو الوصول إلى تطبيع مع الدول العربية النفطية للوصول إلى مقدراتها الطبيعية بشكل أكبر، وعمل تحالفات يجسرها التطبيع " ليخدم الكيان ويجعله القوة الاقتصادية المهيمنة والأقوى في الشرق الأوسط وهذا ما نصت عليه صفقة القرن وتحدثت عنه ...

لذلك بخصوص التهجير فما هي إلا فزّاعة وجسّ نبض وخربطة للمشهد، وعنوان تهديد بلغة: إمّا التطبيع أو التهجير. الذي حل مكان ما كان يتحدث به الساسة من قبل عن قيام الدولة الفلسيطينة يتبعها التطبيع والعيش بسلام مع الدول العربية برمتها ، اما الان ومع سطوع نجم اليمين المتطرف في اسرائيل فلا دولة فلسطينية على المدى القصر ولا المتوسط لاجل ذلك خرج علينا الرئيس بفكرة التهجير المرفوض اردنيا وعربيا ودوليا والاهم فلسطينيا فشعب غزة الجبار هو من رتب لنا أحداث 7 أكتوبر وأفشل صفقة القرن، وهو بهذا الصمود الأسطوري،سيرتب لنا ما بعدها و سيفهم العالم أن الأمور لا تؤخذ بالأمنيات ولا بالبلطجة والقتل والتشريد وسفك الدماء ، وإنما بالحلول الواقعية العادلة التي يتطلع إليها كل حر وشريف يبحث عن العيش بسلام داخل وطنه وعلى ترابه

اما اقتصاديا ( وقطع المساعدات الامريكية ) نعم اتفق مع من تحدث عن ذلك ، فالأردن هو الخاسر الأكبر في قطع المساعدات أو حتى تقليصها او تاخيرها ، ولكن للأردن كذلك دور حيوي ومحوري واستراتيجي وأمني مكلف ويجب ان نناور ونحاور به العقلاء في الادارة الامريكية ، يفهمه صناع القرار أمنيين وعسكريين وسياسيين هناك ، ولم تُدفع هذه المساعدات للاردن ومنذ زمن إلا مقابل ذلك، هم يعلمون ان الأردن المستقر أمنياً وسياسياً واقتصادياً عنوان أشمل للمنطقة برمتها فلا اقتصاد مزدهر ولا أمن للكيان والمنطقة إلا باستقرار الأردن وبقاء شعرة معاوية بينه وبين الانزلاق اقتصاديًا وحتى سياسيًا ...

في الختام أ قول علينا في الأردن الرسمي قبل الشعبي أن نسمي الأمور بمسمّياتها ونتعامل مع المشهد بلغة الربح والخسارة والندية، وان لا نتعامل مع التصريحات التي صدرت كفعل بل نتعامل مع الحقائق ونزنها قطعةً بقطعة، والاهم ان يكون لنا مشروع اقتصادي وطني تنموي يعتمد على خيرات البلد ومقدراتها التي لم تستثمر بالشكل الصحيح الى الان او نهبت وبيع جزء منها بثمن بخس ، وان نركز في البناء على خبرات وقدرات ابناء الوطن فهم محط تقدير واحترام حيثما كانوا ، والاهم من ذلك كله ان نتخلص من كل انواع الفساد والترهل الاداري وان يتم محاسبة الفاسدين لفتح صفحة جديدة للوطن عنوانها الاشمل اننا قادرون على البناء والاكتفاء بعيدا عن تشوهات الاعطيات والهبات والمساعدات المشروطة و التي كفلتنا كثيرا خلال السنوات الماضية، فلو كان اقتصادنا قويا لما أسَلْنَا الكثير من الحبر في ردنا على ترامب وعشنا هذا التخوف منذ ايام

 

أخبار متعلقة :