كرّم رئيس جامعة البترا، الأستاذ الدكتور رامي عبد الرحيم المذيع في قناة المملكة معن عمرو خريج قسم التسويق في كلية العلوم الإدارية، وذلك تقديرًا لتميزه في مسيرته الإعلامية. جاء التكريم ضمن سياسة الجامعة في التواصل مع خريجيها والاحتفاء بقصص نجاحهم في مختلف المجالات.
وأعرب عبد الرحيم عن فخره بإنجازات خريجي جامعة البترا، مشيرًا إلى أن تميزهم في سوق العمل يعكس جودة التعليم الأكاديمي الذي تقدمه الجامعة. وأكد أن الجامعة تواصل دعم خريجيها وتقدير جهودهم، معتبرًا أن كل نجاح يحققه خريجوها هو شهادة حية على رسالتها الأكاديمية.
معن عمرو هو نموذج لشاب طموح شق طريقه في مجال الإعلام رغم التحديات. تخرج في عام 2012 في تخصص التسويق، لكنه كان يحمل شغفًا كبيرًا بالإعلام منذ صغره، رغم أن طموحه الأول كان دراسة الإعلام، إلا أن عائلته شجعته على دراسة التسويق، لكونه يتمتع بمهارات عالية في الإقناع والتسويق، مع نصيحته بأن يمارس الإعلام كهواية إلى جانب دراسته، وهو ما سعى معن إلى تحقيقه خلال دراسته الجامعية.
كان معن ينهي محاضراته في التسويق، ويسرع خارج الحرم الجامعي ليلتحق بتدريبه في إحدى القنوات الفضائية، مستعيضًا عن الأجر بالخبرة التي يسعى لاكتسابها، ومحاولًا في الوقت نفسه الموازنة بين دراسته والتزاماته العملية. ورغم الضغوط حافظ على اجتهاده الذي أكسبه تقدير أساتذته؛ ومن ذلك ما يرويه عن الدكتور عبد المنعم الشلتوني، إذ كان يبتسم حين يلتقيه في أروقة الجامعة، ويضع يده على كتف معن قائلًا: "ذات يوم ستكون شخصًا ذا مكانة متميزة في مجال عملك، أنا أرى ذلك فيك."
كان أساتذة قسم التسويق وجميع أعضاء هيئة التدريس يبدون حماسةً وتشجيعًا متزايدين عند معرفتهم أن معن يجمع بين الدراسة والعمل الميداني، وقد تمكّن من إكمال أغلب متطلبات التخصص في ثلاث سنوات ونصف، لكنه اضطرّ إلى زيادة المدة إلى أربع سنوات بسبب عدم اجتياز مادة واحدة. يقول معن: "كنت أتهيأ لحفل التخرّج، فأحضرت روب التخرج، والتقطت مع زملائي صورًا لكتيّب الخريجين، ثم فوجئت برسوبي في إحدى المواد".
بذل معن جهده في محاولة اقناع الدكتورة سيما مقاطف لمساعدته على اجتياز المادة، يقول؛ "أجل، كان لديها الحق في أن تمنح كل طالب العلامة التي يستحق، كنت آمل أن تساعدني من منطلق إنساني، كنت خريجًا، وهذه المادة ستؤخرني لفصل دراسي كامل".
لم تفلح محاولات معن أو حتى سمعته الأكاديمية المتميزة في كسب تعاطف الدكتورة مقاطف، يقول: "في ذلك الوقت شعرت بالصدمة، كنت أنظر إلى تلك المادة باعتبارها نقطة سوداء في دفتر مسيرتي العلمية والمهنية"، يبتسم ويتابع بفخر: "الآن أنظر لما حدث من زاوية مختلفة، عندما أتعرض لتلميح بأني خريج جامعة خاصة، كنت أروي تلك الحادثة لأخبرهم بأني تأخرت فصلاً دراسيًا كاملا فقط؛ لأن جامعة البترا تهتم بجودة مخرجاتها التعليمية".
بعد التخرج، واصل معن تدريبه وعمله لساعات طويلة في قنوات فضائية مختلفة، متحملًا تكاليف المواصلات والعمل حتى وقت متأخر من الليل. وعلى الرغم من امتلاكه خبرة عملية مناسبة ومهارات إعلامية صقلها عبر دورات تدريبية مجانية ومدفوعة على الإنترنت، فقد بقي أشهرًا دون الحصول على وظيفة.
أسهم التقارب بين تخصص التسويق والإعلام المرتكز على تقنيات إيصال المعلومة إلى جمهور واسع باحترافية، في زيادة صقل مهارات معن، لكن فرص حصوله على الوظيفة كانت تصطدم بعدة عوائق تدفع إلى الإحباط واليأس.
يبتسم معن وهو يستذكر تلك المرحلة، قائلاً: "الآن تبدو تلك المرحلة جزءًا من بناء مستقبلي المهني. صحيح أني عشت لحظات إحباط ويأس؛ فقد تخرجت وما زلت أتلقى دعمًا ماديًا من عائلتي، بينما وجد بعض زملائي وظائفهم فور التخرج".
تعد مدة البحث عن عمل مرحلة لا تخلو من الإحساس بالإحباط واليأس في بعض مراحلها، وكانت عائلة معن أهم عوامل اجتياز تلك المدة، وهو لا يمل من استغلال أي مناسبة خلال حديثه ليذكر أنه كان يستمد قوته من دعم عائلته المعنوي والمادي في تلك الفترة، يستمر بتكرار عبارته: "أحمد الله أني نشأت وسط أسرة متعلمة، هي نعمة منّ الله بها علي، كما أن إيماني بالله منحني يقينًا بأنه سيمنحني الأفضل".
خلال تلك الأشهر الصعبة، أتيحت فرص عمل في معظم القنوات التي تدرب معن فيها، لكن الوظائف كانت تُسنَد إما لأبناء جنسيات معينة، أو لشخص تربطه معرفة مسبقة بالقائمين على القناة، ما أثار في نفسه شعورًا بالغبن والإحباط، يقول معن: "كان الأمر يثير مشاعر الغضب والاحباط".
بعد فترة من المحاولات غير الموفّقة، قرّر معن أن الوقت قد حان للانطلاق إلى نقطة تحوّل جديدة في مساره المهني. فكر في ترك التدريب والبحث عن وظيفة في مجاله الأكاديمي؛ التسويق، يقول: "بدا أن العمل في مجال التسويق سيكون الأمر المناسب بعدما استنفدت جهدي ووقتي في مجال الإعلام"، تقدم إلى وظيفة في قسم التسويق في إحدى الشركات وقُبِل للعمل هناك.
يرى معن أن ذلك اليوم كان نقطة التحول في حياته المهنية، إذ يقول:
"كان أخي الأكبر دائمًا يقول لي: "إنك تمتلك مهارات عالية في التسويق، وستنجح فيه"، ويتابع: "أدركت فعلًا أن مهاراتي، إضافة إلى الخبرة التي اكتسبتها خلال تدريبي في القنوات التلفزيونية، جعلتني أكثر ثقة وحضورًا"، ويعلّق بابتسامة: "لم أجد صعوبة في الحصول على تلك الوظيفة؛ لأن التقدم إلى وظيفة شكل من أشكال التسويق، لكنك في هذه المرة تسوّق نفسك"، كانت تلك العبارة قد رسخت في ذهن معن من كلمات الدكتور رائد المومني، والتي كررها كثيرًا في محاضراته.
في طريقه إلى العمل الجديد غير معن مساره مبتعدًا عن الشركة، فقد تلقى اتصالًا هاتفيًا من قناة فضائية تعرض عليه وظيفة مقدم برامج، سأل: "هل هي فرصة تدريب أم وظيفة"، وكان الجواب: "إنها وظيفة حقيقية، سيكون لك برنامجك الخاص، ويجب عليك الاستعداد له خلال أسبوع، أحضر أوراقك لنبدأ العمل"، هكذا بدأ معن رحلته الإعلامية الاحترافية.
تنقّل معن بين عدة قنوات محلية وعربية، في عمّان و دبي و السعودية، ثم عاد ليخوض منافسة كبيرة للانضمام إلى قناة المملكة الأردنية. يقول: "حان الوقت لكي أظهر على شاشة وطنية بعد سنوات من الخبرة عبر عدد من القنوات الفضائية، لذلك أقدمت على التنافس مع عدد كبير من المرشحين لوظيفة مذيع في قناة المملكة الأردنية".
رغم تجاربه السابقة في الآلية التي تعمل فيها التعيينات في بعض القنوات، فإن التنافس في قناة المملكة كان مختلفًا، يقول: "كان عدد المترشحين يفوق الستّمائة، وكانت اللجنة تضم ممثلين عن معظم أقسام القناة وعلى رأسهم الصحفي فهد الخيطان. شعرت منذ اللحظة الأولى بأن هناك قدرًا كبيرًا من المهنية يحكم عملية اختيار المذيعين".
نجح معن في اختباراته والتحق بقناة المملكة، ويشغل حاليًا منصب "مذيع أول رئيسي". ويؤمن بـ"أن السعي المستمر وراء الشغف يثمر في النهاية مهما كانت الطريق شاقة"، وقد كانت هذه الفكرة واحدة من الرسائل التي وجهها إلى الخريجين من طلبة جامعة البترا عندما استضافته الجامعة لإلقاء كلمة في حفل التخريج للعام الدراسي 2019-2020، قال فيها: "لا تستسلموا، وواصلوا العمل لتحقيق أحلامكم"، ولم ينس حينها أن يذكر بفخر قصة تأخره لفصل دراسي كامل بسبب مادة واحدة.
ويستعيد معن نصيحة الصحفية لارا أيوب التي ما تزال حاضرة في ذهنه: "إن نجاح الشخص في مسيرته المهنية يرتكز على ثلاثة عناصر: العلاقات المهنية والعلمية، والشبكة الاجتماعية التي ينسجها، والأداء المتميز في العمل. وعندما تتحقق هذه الأمور، ستأتي الفرص المادية تلقائيًا".
من جهته، أوضح الأستاذ الدكتور إياد الملاح، عميد شؤون الطلبة في جامعة البترا، أن تكريم معن عمرو جاء بترشيح من مكتب متابعة شؤون الخريجين، الذي يسعى لتسليط الضوء على خريجي الجامعة المتميزين في شتى القطاعات، قائلاً: "إننا لا نكرّم الأفراد فحسب، بل نحتفي بقصص نجاح تلهم الأجيال القادمة. ومعن عمرو مثال لشاب طموح كافح لتحقيق حلمه، وهذا يعكس روح جامعة البترا التي تُخرّج أجيالًا قادرة على المنافسة والنجاح".
أعرب معن عن اعتزازه بتكريم الجامعة له، مشيرًا إلى أن الجامعة لم تكن مجرد محطة دراسية، بل المكان الذي تعلّم فيه مهارات التفكير الإبداعي، وكيفية تسويق نفسه باحترافية.
خلال تكريمه في الجامعة، أثنى الكثيرون على معن عمرو معتبرين أن قصة نجاحه ليست مجرد حكاية نجاح فردي، بل شهادة على أن المثابرة والشغف يقودان إلى تحقيق الأحلام، وكان يرد على ذلك الإطراء بعبارات شكر وامتنان قال فيها: "إن جامعة البترا كانت وستظل منبرًا لصناعة قصص نجاح تمتد آثارها في مختلف المجالات".
أخبار متعلقة :