التعليم و الأمن القومى - أرض المملكة

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
التعليم و الأمن القومى - أرض المملكة, اليوم الأحد 2 فبراير 2025 05:59 مساءً

إتسع مفهوم الأمن القومى ليشمل القدرة الشاملة للدولة والمؤثرة على حماية معتقداتها وقيمها وأراضيها ومصالحها السياسية والإقتصادية والإجتماعية من التهديدات الخارجية والداخلية. بل يمكن القول إن الأمن القومى تجاوز مفهوم الحماية بمعناها الواسع، إلى مفهوم التنمية الشاملة.. 

يقول روبرت ماكنمارا Robert McNamara وزير دفاع الولايات المتحدة الأمريكية ورئيس البنك الدولى الأسبق، فى كتابه (جوهر الأمن): «الأمن عبارة عن التنمية، ومن دون التنمية لا يمكن أن يوجد أمن، وأن الدول التى لا تنمو فى الواقع، لا يمكن، ببساطة، أن تظل آمنة». وهذا التعريف الذى يركز على تطور مفهوم الأمن القومى وشموله لمختلف الأبعاد التنموية، يجرنا مباشرة إلى التعليم والبحث العلمى كقاطرتين لتحقيق الأمن القومى بمفهومه التنموى الشامل، وباعتباره تنمية علمية وعسكرية واقتصادية واجتماعية، تنمية للموارد والقوى المختلفة، تنمية للدولة والمجتمع والثقافة، تنمية للعلاقات الخارجية والسياسة الداخلية وهنا يبرز الدور الريادى والمسئولية القومية للمدارس والجامعات. 

العلاقة بين التعليم والأمن بهذا المعنى أكدها جون ديوى؛ فالتعليم عنده هو مجموعة العمليات التى يستطيع بها المجتمع أو زمرة اجتماعية كبرت أو صغرت أن تنقل سلطانها أو أهدافها المكتسبة، بغية تأمين وجودها الخاص ونموها المستمر، 

مما لا شك فيه أن تقدم مصر الحديث ومستقبل أمنها القومى مرهون بقدرتها على تجديد نفسها على أساس من التخطيط العلمى الرصين؛ من أجل تحقيق مشروع قومى مجتمعى فى ترسيخ قيم التراث والحداثة وتوسيع مجالات حقوق الإنسان، وعبور الهوة المعرفية العلمية بيننا وبين العالم المتقدم، وتنشئة شخصية وطنية قوية مستقلة كخطوة أساسية وجوهرية فى طريق بناء الدولة المصرية القوية؛ حيث بدأ المصريون يفكرون لأنفسهم لأول مرة فى التاريخ الحديث بعقل جديد، وروح مستقلة؛ رغبة فى مستقبل أفضل. 

ومن هنا، فلابد أن تكون النّظرة المستقبليّة هى الحاكمة لمسيرة التعليم، لا سيما أن من نعلمهم، يتخرجون فى المستقبل وليس الآن. وهذا الإنسان المستقبلى يحتاج إلى نوعية جديدة من التعليم تقدم له أسلوب حياة وطريقة عمل.. نوعية جديدة تعتمد على التعلم بدل التعليم، والبحث بدل النقل، والحوار بدل الإستماع، والقدرة على الإختلاف بدل التسليم المطلق بالأفكار الجامدة التى تصنع الإرهاب والفكر المتطرف ، مع إعادة بناء الدولة المصرية (إبجديات الجهورية الجديدة)، نجد التحديات تختلف، والمتطلبات تتفاوت. فالتحدى القومى أصبح هو بناء إنسان مصرى جديد وتحقيق التنمية (المبادرة الرئاسية بداية لبناء الإنسان المصرى) وتأسيس دولة ديمقراطية حديثة. 

لذا فالمرحلة الراهنة تطرح تحديات عديدة‏: كيف يمكن تركيز الاهتمام فى التعليم على طرق التفكير وكشف الحقائق وتأسيس روح الإبتكار، وليس التلقين والحفظ أو السمع والطاعة.. من أجل توسيع المعارف البشرية، وتعزيز قدرة الطلاب والباحثين على إستغلال هذه المعارف لتحقيق الأهداف الحيوية للدولة المصرية باعتبارها أحد أهم تعريفات الأمن القومى. 

 

أخرا وليس أخيرا….. هو تغيير طريقة التفكير عند المواطن، وبناء شخصية مسئولة.. واعية.. حرة.. ناقدة.. قادرة على إستثمار ذلك كله ومراجعته وتطويره من أجل نهضة حقيقية عميقة الجذور متأصّلة المنبت، فمؤسسات التعليم - من الحضانة إلى الجامعة- ليست مجرد مؤسسات لنقل المعارف إلى أبنائنا، بل مؤسسات وطنية نهضوية يقع العبء الأكبر عليها فى بناء شخصية المواطن باعتباره جوهر الدولة، وأساس الأمن القومى، لا باعتباره إرهابيا يكفر كل من حوله ويستحل دمه!

 بقلم د. صموئيل عصام عمانوئيل

أستاذ الإدارة والتخطيط الإستراتيجي – بالجامعات المصرية

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق