أرض المملكة

انه رجل عظيم - أرض المملكة

تعالت اصوات الصحفيين خارج باحة البيت الابيض وعندها قال ترامب " انه رجل عظيم" مشيرا بسبابته الى الملك . ( لم تنقل المحطات العربية الصوت خلال الاستقبال ).

بدأت القمة الثنائية - التي ستصبح تاريخية في غضون ساعة - مع تأكيد البيت الابيض انها مغلقة امام الاعلام ، ولكن فجأة يفتح باب قاعة الاجتماع و يتدفق الى داخلها الصحفيون .

جامل الملك بدبلوماسيته الرئيس ترامب ، حتى ان الاخير وصفها بانها من الطف المجاملات التي تلقاها .

انطلق ترامب في اعادة عرض خطته وخطيئته التي كان قد اعلن عنها في وقت سابق وذلك خلا ل لقائه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين.

ان خبرة الملك في كيفية سير امور السياسة الامريكية و علمه بشخصية ترامب المثيرة للجدل مكن جلالته من قلب السحر على الساحر .

تسلح الملك بذخيرة شعبية قبل القمة التاريخية وهو الذي يعلم ان ذلك يعزز موقفه ويزيد الاردن احتراما فوق احترام (في الولايات المتحدة والغرب عموما كلما كنت قويا في الداخل احترموك في الخارج )، ومن جهة اخر حمل جلالته معه تأييد عربي و دولي لموقفه الرافض للتهجير والتطهير العرقي .

يقال" لا تذهب الى واشنطن من غير مشروع متكامل " ...وهذا امر يعرفه الملك جيدا ، وهنا جاء الرد الاول على خطة الرئيس حيث اعلن الملك ان مصر تعد خطة بديلة لخطة ترامب و ستقدم في واشنطن بعد مناقشتها بالرياض واقرارها عربيا في القاهرة.

ان الهدف الرئيس من لقاء جلالته بالرئيس الامريكي كان حمل رسالة الى ترامب عن قيام مصر باعداد خطة عربية بديلة واعلان الملك ذلك الى العالم من البيت الابيض وبحضور ساكنه .

كان بامكان الملك الاعتذار عن اللقاء كما فعل في ٢٠٠٤ ، حيث الغى لقاءه بالرئيس بوش بعد رسالة الاخير الشهيرة الى شارون ( للتفاصيل يمكن الرجوع لكتاب الملك... فرصتنا الاخيرة : السعي نحو السلام في زمن الخطر ).

وكما الغى جلالته القمة الرباعية بعمان مع بدايات الحرب على غزة التي كان سيشارك بها الرئيس بايدن وذلك بعد قصف اسرائيل للمستشفى المعمداني.

والرد الثاني الذي رمى به الملك مضيفه تأكيده على التزام الاردن بالاجماع العربي كما حال الاردن دائما.

فالتزام الاردن بالاجماع العربي فيما مضى كلفه اراضيه !!! فكيف لا يفعل الملك ذلك الان !

اما الثالثة فكانت اعلان الملك عن استقبال المملكة ل ٢٠٠٠ طفل مريض من غزة وهذا ديدن المملكة التي تفتح ابوابها للحالات الانسانية وهذا حمل رسالة قوية لترامب وخطته وخطيئته وكان الملك يقول له " السيد الرئيس بما ان خطتكم تتخذ المظهر الانساني - حسب زعمكم - فهناك مئات الطرق لممارسة انسنانيتكم بعيدا عن التهجير والتطهير العرقي" .

كانت رسائل الملك واضحة ولكن ثمة نفر يتربصون بالاردن وقيادته شرا ، فبدأت ابواقهم المغرضة واحبارهم المسمومة التشكيك بمواقف الاردن الثابتة ، وكان الاعلام المصري الاسرع استجابة في توضيح موقف جلالته والتصدي للمغرضين في ظل غيبوبة الاعلام الاردني وانعدام سرعة استجابته .

ومن الغريب عدم استعداد المنظومة الاعلامية الاردنية لهذه القمة ولا اعلم ان رافق جلالته وفد اعلامي مطلع ومدرك لاهمية اللقاء والظروف المحيطة به.

وبعيدا عن هذا الموضوع اسجل عتبي على الاعلام الذي غالبا ما يضع المواطن كطرف ثالث ، اي بمعنى ان المواطن يتلقى الاحاديث الملكية كطرف ثالث من خلال مجلس النواب او مجلس الوزراء او حتى الزيارات المتعددة التي يقوم بها جلالته .

واتمنى على الاعلاميين المعنيين تنظيم خطابات ملكية مباشرة الى الشعب لما لذلك من تأثير نفسي كبير على المواطن العادي من امثالي ، والاخصائيون في علم الاتصال والنفس والاجتماع اقدر على توضيح هذا الاثر .

واشير الى انه بعد اندلاع الثورة السورية دق الخبراء ناقوس الخطر وتحدثوا عن نظرية الدومينو والخوف من انتقال الثورة الى انظمة مجاورة ومنها الاردن .

ان تسويق ترامب لخطته (التي لم يحبها الا ترامب نفسه ) بحضور الملك كان من الممكن ان تفهم كإشارة سلبية قد تلتقطها بعض الجماعات والدول لاثارة الفوضى وربما محاولة لضرب استقرار المملكة .

تنبهت الادارة الامريكية ومؤسسات الدولة لما احدثه ترامب من فوضى ، فجاء تاكيد البيت الابيض على موقف جلالته الرافض للتهجير وكذلك الاعتذار الذي جاء على لسان ترامب نفسه في رسالة للاردنيين ووصفهم بالشعب الرائع الذي يقوده ملك عظيم.

بالنظر الى الصورة الشاملة لما حدث خلال الايام السابقة نستطيع القول ان المحصلة تصب في مصلحة الاردن وتشدد على اهمية امنه بصفته حجر استقرار المنطقة وكذلك تاكيد مكانة الملك باعتباره لاعب رئيسي على رقعة لعبة الامم.

و عن الخطة العربية البديلة التي تعدها مصر ، اعتقد انها ستعتمد على خطط قد رفضت سابقا .

لا اعلم ما هي الخطة ولكن بالعودة الى بدايات الحديت عن اليوم التالي من الممكن القول ربما ستعود الاطراف الى خيار الادارة العربية والدوليه للقطاع وربما مع سيناريو بيروت 82 . ( من الممكن العودة الى بيان المنامة ) .

الطروحات التي رفضت فيما مضى قد تصبح معقولة الان فالسياسة الترامبية تعتمد على الصفقات . ربما ما سبق مجرد ظن وبعض الظن اثم ولكن بعضه الاخر من حسن الفطن وان غدا لناظره قريب .

( من الجيد الاطلاع على كتاب " فن الصفقة " لدونالد ترامب الذي صدر عام 1987 حيث من الواضح ان ترامب يعتمد في سياسته طرق التفاوض التجارية وخلط الاوراق الاعلامية من خلال التصريحات المتتالية والمتضاربة التي تجعل من الصعب على السياسيين والاعلاميين مواجهتها فبينما يتعاملون مع ازمة تظهر ازمة جديدة ، والنهاية اقناع الطرف الاخر ان من مصلحته اتمام الصفقة ) .

حاولت ان انقل بلغة بسيطة يتقبلها المواطن العادي من امثالي رؤيتي لاحداث المؤتمر الصحفي التاريخي الذي جمع جلالة الملك بالرئيس ترامب في الحادي عشر من فبراير 2025


أخبار متعلقة :