نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
التوافقات العربية في مواجهة خطة التهجير: صراع سياسي ومصير غزة المجهول - أرض المملكة, اليوم الخميس 13 فبراير 2025 02:52 صباحاً
وسط توترات إقليمية متصاعدة، شهدت العاصمة الأمريكية واشنطن لقاءً استثنائياً بين العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في أول اجتماع يجمع رئيساً أمريكياً بزعماء المنطقة منذ توليه منصبه. حمل اللقاء أبعادًا استراتيجية تتجاوز العلاقات الثنائية، إذ جاء في توقيت حساس على وقع تسريبات حول خطط تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وهي الطروحات التي أثارت قلقًا عربيًا ودوليًا.
لطالما كانت مصر لاعبًا رئيسيًا في الملف الفلسطيني، نظرًا لحدودها المباشرة مع قطاع غزة وعلاقاتها التاريخية مع الفصائل الفلسطينية المختلفة. منذ بداية العدوان الإسرائيلي الأخير، قادت القاهرة جهودًا حثيثة لوقف إطلاق النار، كما رفضت أي محاولة لفرض التهجير على سكان القطاع، مؤكدة أن هذا الأمر خط أحمر لا يمكن تجاوزه. الرئيس عبد الفتاح السيسي شدد في أكثر من مناسبة على أن الحل لا يمكن أن يكون إلا فلسطينيًا، وأن أي ترتيبات مستقبلية لغزة يجب أن تتم بتوافق داخلي، بعيدًا عن أي محاولات لفرض واقع جديد على الفلسطينيين بالقوة أو التهجير القسري.
في هذا السياق، تواصل مصر تحركاتها على أكثر من صعيد، سواء عبر تكثيف المشاورات مع الفصائل الفلسطينية لضمان توحيد الموقف الداخلي، أو عبر العمل الدبلوماسي مع القوى الإقليمية والدولية لضمان عدم تمرير أي حلول تُفرض على الفلسطينيين دون موافقتهم. كما تعمل القاهرة على تقديم رؤية واضحة بشأن مستقبل غزة، تتضمن إعادة إعمار القطاع وتفعيل مؤسسات الحكم الفلسطيني، لكن دون إقصاء أي طرف أو فرض ترتيبات تخدم أجندات خارجية.
الأردن يقود جبهة الرفض الشعبي والرسمي لخطة التهجير
إلى جانب الموقف المصري، يتبنى الأردن نهجًا صارمًا في مواجهة المخططات الدولية الرامية إلى إعادة ترتيب المشهد في غزة بما يتعارض مع الثوابت الفلسطينية. الملك عبد الله الثاني أكد رفضه القاطع لأي محاولة لفرض واقع جديد في القطاع على حساب سكانه، مشددًا على أن الأردن لن يكون طرفًا في أي مخططات تؤدي إلى تهجير الفلسطينيين، سواء إلى أراضيه أو إلى أي وجهة أخرى.
الموقف الأردني لا يقتصر على التصريحات السياسية، بل يحظى أيضًا بدعم شعبي واسع، حيث أصدرت العديد من العشائر الأردنية بيانات قوية ترفض أي محاولة لإعادة رسم الخريطة الديموغرافية للفلسطينيين. البرلمان الأردني بدوره دخل على خط المواجهة، إذ يناقش مشروع قانون لمنع التهجير، في خطوة تهدف إلى تثبيت الموقف الأردني داخل الأطر التشريعية، ومنح الحكومة غطاء قانونيًا لمواجهة أي ضغوط خارجية قد تُمارس في هذا الاتجاه.
الولايات المتحدة وإعادة رسم مشهد غزة وفق أجنداتها الخاصة
في مقابل الموقف العربي الرافض، تسعى الإدارة الأمريكية إلى الدفع نحو ترتيبات جديدة تضمن تقليص نفوذ حماس داخل غزة، عبر إخراج قادتها ومنح السلطة الفلسطينية دورًا أكبر في إدارة القطاع. ترى واشنطن أن هذه الخطوة ضرورية في إطار استراتيجيتها الأوسع لإضعاف النفوذ الإيراني في المنطقة، حيث تعتبر أن أي تقليص لدور حماس يعني تلقائيًا إضعاف الحلفاء الإقليميين لطهران، مثل حزب الله والحوثيين. غير أن هذه المقاربة تواجه معارضة عربية متزايدة، إذ ترى الدول الإقليمية أن أي حل لا يأخذ في الاعتبار إرادة الفلسطينيين محكوم عليه بالفشل، وأن فرض ترتيبات سياسية بالقوة لن يؤدي إلا إلى مزيد من عدم الاستقرار.
القمة العربية المقبلة.. اختبار حقيقي للموقف الموحد
مع استمرار التحركات الدبلوماسية، تتجه الأنظار إلى القمة العربية المرتقبة، التي يُتوقع أن تكون محطة مفصلية في بلورة موقف عربي موحد تجاه مستقبل غزة. فبينما تواصل الولايات المتحدة الضغط لتمرير رؤيتها، تعمل مصر والأردن، بدعم من دول عربية أخرى، على تقديم رؤية بديلة تضمن رفض التهجير، مع البحث عن حلول عملية تحظى بقبول فلسطيني ودعم دولي.
من المرجح أن تشهد القمة توافقًا على خطة مصرية بديلة، تهدف إلى معالجة الأوضاع في غزة عبر آليات تحترم سيادة الفلسطينيين، وتمنع فرض أي ترتيبات غير مقبولة. هذه الخطة قد تشمل إعادة إعمار غزة، وتفعيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية، إضافة إلى إعادة هيكلة مؤسسات الحكم بما يحقق التوافق الداخلي دون إقصاء أي طرف.
مستقبل غزة بين الضغوط الدولية والموقف العربي الصلب
في ظل التطورات المتسارعة، يبدو مستقبل غزة مفتوحًا على عدة سيناريوهات، تتراوح بين استمرار الوضع الراهن، أو محاولة فرض ترتيبات دولية جديدة، أو التوصل إلى توافق فلسطيني داخلي بدعم عربي. لكن الأمر المؤكد حتى الآن هو أن خطة التهجير التي تروج لها بعض الأوساط الدولية لن تمر بسهولة، في ظل الموقف العربي الصلب الذي تقوده مصر والأردن.
القاهرة وعمان ليستا في موقف الرفض السلبي فحسب، بل تعملان بجد على تقديم بدائل سياسية قابلة للتنفيذ، تضمن حماية الفلسطينيين من التهجير، وتساعد في بلورة حل يحترم حقوقهم التاريخية، دون السماح بفرض حلول غير عادلة. الأيام القادمة ستكون حاسمة، فإما أن تنجح الجهود العربية في فرض رؤيتها، أو تواصل القوى الدولية الضغط لفرض واقع جديد، في معركة سياسية ستحدد ملامح المرحلة المقبلة في غزة والمنطقة بأكملها.
أخبار متعلقة :