أرض المملكة

سلامة يكتب.. النكبة الفلسطينية الثانية: كيف نردع فرعون البيت الأبيض؟ #عاجل - أرض المملكة

جو 24 :

كتب ايهاب سلامة -

النكبة الفلسطينية الثانية التي يمضي هولاكو البيت الأبيض نحو ارتكابها بحق الشعب الفلسطيني، بفداحتها التاريخية الكارثية المهولة، كان من المفترض والواجب الديني والعروبي والأخلاقي أن تلاقي ردود أفعال رسمية وشعبية عربية وإسلامية فورية، تزلزل الأرض، بعد أن بلغت الغطرسة الأمريكية قمة وقاحتها، وفاقت معايير الاحتقار والاستحمار لأمة محسوبة على دين محمد.

الفرعون الأمريكي الجديد، لم يوغل في استخفافه بنا، وإذلاله لنا، وإعلان مخططه الشيطاني بتهجير غزة و"تنظيفها" بكل وقاحة على رؤوس الأشهاد، إلا وهو يرانا شعوبًا ميتة، لا خوف منا ولا خير فينا، وأنه لو هدم أستار الكعبة حجرًا حجرًا على من فيها، لن يرفع واحدنا رأسه، بعد أن استمرأنا المذلة، وامتطانا الكاوبوي الأمريكي كالدّواب والبهائم.

علينا أن نفهم أن عقلية شهبندر البيت الأبيض تعمل وفق قانون العرض والطلب، وأن "صفقاته العقارية" محكومة بمعيار الربح والخسارة، وأن مقدار مضيه بإبرامها مرهون بحجم المخاطر!

وعلينا أن نفهم، بأن قافلة البضاعة الفاسدة التي يسيّرها والي البيت الأبيض نحو الشرق، لن تصل إلى وجهتها إلا إذا كانت طرقها معبدة وسالكة، ومزروعة على جنباتها ورود الصمت العربي!

المعادلة الحسابية تقول: إن نجاح ترامب بتنفيذ مخطط تهجير غزة، مرتبط بشكل متوازٍ مع حجم ردود الفعل العربية والإسلامية والدولية، والداخلية الشعبية الأمريكية، ومدى قوتها؛ ثم إن البدء بتنفيذ المخطط (ب) بإعادة ضم الضفة الغربية وتهجير أهلها، مرهون بقدرته على تنفيذ مخطط تهجير "غزة أولًا" من عدمه!

وها هو يطلق بالونات اختبار كل لحظة وأخرى لجس النبض، وقياس ردود الفعل الاستباقية، ليضعها على ميزان "الربح والخسارة"، مستندًا إلى مقارنة ردود الفعل العربية والإسلامية المخزية التي غابت عن "صفقة القرن" إبان ولايته الرئاسية الأولى حينما قرر نقل عاصمة بلاده إلى القدس المحتلة، وإعلانها عاصمة أبدية للاحتلال، وقطع الدعم عن الأونروا، واعترافه بالمستوطنات، وكيف قوبلت قراراته الخطيرة تلك دون ردود فعل تُذكر. فتعززت ثقته بمواصلة غطرسته دون خوف أو وجل. كما يستند إلى مقارنة ردود الفعل العربية والإسلامية المخزية من حرب إبادة غزة، التي قوبلت بصمت عربي رسمي وشعبي مطبق، إلا من رحم ربي، ليزداد يقينه بأن مخطط التهجير وتصفية القضية الفلسطينية اليوم، سيمر أيضًا بلا ردود فعل أو عواقب، لذا، نراه يعربد بكل وقاحة دون أن يرمش جفنه!

الرسائل الرسمية والشعبية الخشنة والساخطة يجب أن تصل حدتها عنان السماء من جميع العواصم العربية والإسلامية، مفادها: إن قرارات ترامب ليست قدرًا، ولا أوامر غير قابلة للرفض، وأن قطاع غزة والدول العربية التي يسعى لتهجير الفلسطينيين إليها ليست ملكية عقارية لعائلته التي قدمت لبلاد الحلم الأمريكي من مواخير ألمانيا، وأن حق الشعوب في تقرير مصيرها لن يكون مطلقًا خاضعًا لبلطجته. وكلما اشتدت ردود الفعل واحتدت، كلما أفشلت مخططه، وهددت مصالح بلاده، ومصالح الكيان اللقيط، حينها سيعرف أن الله حق وأن الأقدار لا تسير وفق أهواء البيت الأبيض.

إن وسيلة الردع الأولى للتعامل مع أي بلطجي أزعر، أن تضعه فورًا عند حده، ولا تسكت عليه، لأنه سيفسر صمتك خنوعًا، وهدوءك خوفًا، وتفتح له مجالًا للتمادي عليك!

على الشعوب العربية والإسلامية أن تعي بأن ما يُحاك لها اليوم هو أخطر تحول تاريخي منذ سايكس بيكو، وأن الدعوة الأمريكية الصريحة باحتلال غزة وتهجير أهلها تعني حرفيًا إعلان حرب أمريكية على الشعب الفلسطيني وعلى الدول العربية التي يضغط عليها لقبولهم كلاجئين قسريين، وأن نيرانها ستطال جميع الدول والشعوب العربية من محيطها إلى خليجها.

وعلى ساسة وسدنة البيت الأبيض أن يفهمونا جيدًا: كفى! لقد اكتفينا من بلطجتكم، ومن سياساتكم الاستعبادية، ومن رعايتكم لهذا الكيان الدموي النجس.

عليهم أن يدركوا أن ثمن العنجهية باهظ جدًا، فالشعوب العربية مخنوقة ومحتقنة ومحبطة، ولم يعد لديها ما تخسره.

وعليهم أن يدركوا أن مضي زعيمهم الفالت، الذي لا يجد من يُلقمه حجرًا في فمه ويوقفه عند حده، سيفجر المشرق العربي كله، وسيدفع الجميع الثمن، من تل أبيب إلى واشنطن. حينها، وحينها فقط، سيغير ترامب أداءه الاستعراضي في أول تصريح صحفي، وستختفي تعابير الثقة المصطنعة عن ملامح وجهه الأصفر، ونرى ملامح الخوف رغمًا عن أنفه!


أخبار متعلقة :