أرض المملكة

من الزمالك إلى طماي الزهايرة.. أحفاد أم كلثوم: ربتنا على عادات وتقاليد القرية - أرض المملكة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من الزمالك إلى طماي الزهايرة.. أحفاد أم كلثوم: ربتنا على عادات وتقاليد القرية - أرض المملكة, اليوم الأحد 2 فبراير 2025 09:25 مساءً

داخل حى الزمالك الهادئ عاشت كوكب الشرق أم كلثوم فى منزلها، واجتمع حولها أحفادها، فعلى الرغم من أنها لم تُرزق بأطفال فإنها رأت فى أحفاد شقيقتها «سيدة»، التى أنجبت 7 من الأولاد أحفاداً لها، فتعلقت بالصغار، واصطحبتهم فى رحلاتها، وتركت لهم حديقة منزلها يلهون فيها وقتما شاءوا، لم يستمعوا فقط لصوتها الجهورى من خلف الأبواب أثناء «البروفات» بل نقلت لهم تعاليمها، وعاداتها والتزامها فى كل شىء، حتى وصفوها بأنها «فلاحة أصيلة تربت على العادات والتقاليد».

حفيد شقيقها: صاحبة كبرياء واشترت أرضا زراعية عمل بها والدها بأول أجر تحصلت عليه

7 سنوات، قضتها دينا الدسوقى، حفيدة شقيقة كوكب الشرق، من حياتها فى «ريح الست» فارتبطت بها ارتباطاً كبيراً، وزعت حبها على جميع من حولها، وعلى الرغم من أنها لم تعاشرها سوى سنوات قليلة، فقد رحلت الست والأخيرة فى السابعة من عمرها، إلا أنها لا تزال تتذكر ما لا ينقله الكثير، وهو «الست خارج نطاق المسرح والغناء» فكيف كانت جدة، وأماً، كيف حرصت على تربية الصغار وتدليلهم كما لو كانت هى من أنجبتهم، وفقاً لحديث «دينا» لـ«الوطن»: «أفتكر لما كنت صغيرة بلعب فى جنينة بيت الزمالك، كانت بتحب نكون كلنا حواليها لأنها عمود البيت، والعيلة، حتى الأكل الحلو كان لازم أختها اللى تطبخلها، كانت حنينة أوى وبتحب تلعب مع الأطفال، لما كبرت حقيقى أنا متشرفة إنى حفيدة سيدة عبقرية لحد دلوقتى الكلام عنها مُشرف وجميل، هى هرم فعلاً مش مجرد فنانة».

صور تذكارية بالأبيض والأسود والسيدة أم كلثوم تداعب «دينا الدسوقى» ورحلة سياحية إلى الدنمارك، ذكريات لا يمكن أن يطويها النسيان فى ذاكرة الحفيدة التى ما زالت تتحدث عن اللحظات الطيبة التى جمعتهما معاً: «رغم إنى عشت معاها سنين صغيرة أوى وكنت طفلة، ويمكن باقى الأمور سمعتها من العيلة، لكن مش ممكن أنسى معاملتها وطريقتها معايا، كانت بتحب كل أطفال العيلة وبتعتبرهم أولادها، خصوصاً كمان إن والدتى كانت ملازماها وبتسافر معاها بره مصر لحضور الحفلات، حتى إن كتب كتاب والدتى كان عندها فى البيت لأن هى اللى بتبارك الجوازة».

طيبة شديدة ممزوجة بالتزام وعادات لم تتخل عنها السيدة أم كلثوم، كشفت عنها «دينا» الستار، خلال حديثها، مؤكدة أنها على الرغم من طيبتها الكبيرة مع الأطفال وحبها الشديد لهم، لكنها لم تهمل مُطلقاً تربيتهم وتقويمهم، ونشأتهم على العادات والتقاليد الحميدة: «الالتزام كان أهم حاجة عند أم كلثوم، أفتكر كنا أولاد صغيرين نلعب ونضحك لكن وقت شغلها والبروفات استحالة حد يعمل دوشة، كلنا نسكت محدش يتكلم، ومحدش يقول حاجة، كانت بتحب شغلها وملتزمة جداً، مش بس كده ربتنا كلنا، كل العيلة على العادات والتقاليد، على الالتزام والأخلاق والمبادئ، ده حقيقى كان ورثنا كلنا ملتزمين بمبادئها لأنها كانت فلاحة أصيلة ملتزمة ونقلت لينا ده».

مشهد قاس عاشته دينا الدسوقى فى طفولتها، وهى تودع كوكب الشرق لمثواها الأخير، فعلى الرغم من عدم إدراكها للأمر حينها فإن الحزن الشديد الذى سيطر على البلاد بأكملها وليس منزلها فقط لا يفارق ذاكرتها: «مفتكرش لحظة الموت لكن أفتكر إن وقتها لقيت صوان كبير جنب البيت لأيام طويلة وناس كتير أوى، حزن وعزاء، ومع عدم وجودها بدأنا ندرك ونفهم فيه إيه».

من رحم قرية «طماى الزهايرة» خرجت سيدة الغناء العربى لتنشد الأناشيد والابتهالات، بعد أن اكتشف والدها موهبتها فى حفظ الكلمات والغناء بصوت قوى جديد غير مألوف، عاشت أم كلثوم الكثير من الحكايات والذكريات التى لا تنسى وما زال عبق رائحتها يحيط بالمكان، بداية من عشقها الغناء منذ الصغر، وتجمهر الكثير من الأطفال حولها، لتجلس فى المنتصف وتنشد الأناشيد، وتردد كلمات حفظتها من والدها، لينبهر الجميع بها، وتصبح عادة لديهم أن يصطحبوها معهم كل صباح إلى الأراضى الزراعية ليستمتعوا بغنائها، أثناء عملهم مع أسرتهم فى الأراضى، فكان صوتها هو الأمل والمشجع لهم فى عملهم.

فاطمة ابنة المؤذن إبراهيم السيد البلتاجى، الشهيرة بـ«أم كلثوم» تملك الكثير من عزة النفس والكرامة، فذكر عدلى خالد حفيد شقيقها لـ«الوطن»، أن «أم كلثوم» كانت عزيزة النفس ولديها من الكبرياء الكثير، والذى يجبر الجميع على احترامها منذ نعومة أظفارها، إذ تعرضت لموقف سيئ فى صغرها، عندما كانت تنشد الأغانى لبعض أصدقائها فى الأراضى الزراعية، وجاء والدها كعادته للاطمئنان عليها وإحضار الطعام لها، ليفاجأ بصياح من صاحب الأراضى: «هو مفيش هنا حد عنده بنات غير بنتك، كل يوم تجيب أكل لها هنا فى الأرض»، وقتها «الست» حفظت المشهد فى عقلها، وصممت أن ترد كبرياء والدها.

راحت السيدة أم كلثوم تبدع فى عملها لكن بقيت الذكرى فى عقلها، حتى تسلمت أول مبلغ من عملها فى الغناء، ورجعت تعدو إلى قريتها طماى الزهايرة ليكون أول راتب لها ثمناً للأرض الزراعية التى تعرض صاحبها بالكلمات اللاذعة لوالدها. ترعرعت أم كلثوم داخل منزلها البسيط فى القرية والذى حمل الكثير من الذكريات والنصائح التى لا تنسى من والدها الشيخ إبراهيم، الذى اصطحبها معه إلى سلم المجد، وراحت تستند عليه فى خطواتها الأولى نحو الغناء. أوضح «عدلى» أن «أم كلثوم» لم تنس يوماً أسرتها أو أهلها فى قرية طماى الزهايرة: «كانت تحضر ملابس لكل أهالى القرية مرتين فى العام، مرة فى الشتاء وأخرى فى الصيف، وقامت بالتبرع بأراض كبيرة فى القرية من أجل إقامة مشروعات خدمية للمواطنين وأهلها فى القرية». أكد «عدلى» أن السيدة أم كلثوم تعلمت القرآن الكريم فى كُتاب قرية طماى الزهايرة، وحفظته كاملاً، فقد ساعدتها نشأتها كثيراً فى تلاوة كتاب الله أمام الأمراء والملوك وسيداتهم: «كانت تجلس مع الملوك والأمراء ليستمعوا لها وهى تتلو آيات من القرآن الكريم فى المآتم الكبرى، وفى الجلسات الكبرى، من فخامة وقوة صوتها».

أخبار متعلقة :