نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ماذا جرى خلال الاتصال الهاتفي بين السيسي وترامب؟ - أرض المملكة, اليوم الأحد 2 فبراير 2025 05:41 مساءً
* الرئيس أكد على ثوابت الموقف ودعا ترامب إلى صنع السلام في المنطقة
* الرئيس الأمريكي يدعو السيسي إلى زيارة واشنطن لمناقشة الأوضاع في المنطقة
لا يمكن فصل فحوى الاتصال الهاتفي الذي جرى أول أمس السبت بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والمصري عبد الفتاح السيسي عن سياق الأحداث التي تشهدها المنطقة في الوقت الحالي.. كانت معلومات قد ترددت مؤخرًا عن اتصال سابق بين الرئيسين، إلا أن مصدرًا مصريًا مسئولًا نفى حدوث ذلك، وتساءل عن دلالات هذه الأخبار المغلوطة.
لقد جاء اتصال الرئيس الأمريكي بنظيره المصري هذه المرة، وسط حالة من الجدل الشديد حول خطة تهجير الفلسطينيين من أراضيهم إلى مصر والأردن، وهو أمر أثار حالة من القلق الشديد لدى الأوساط المعنية.
صحيح أن تصريحات الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» عن خطة التهجير القسري للفلسطينيين، لم تكن أمرًا جديدًا، بل هي خطة مطروحة منذ أوائل الخمسينيات.
لكن الجديد هذه المرة، هو التدخل المباشر على لسان الرئيس الأمريكي، الذي صرح مع بداية توليه الرئاسة في الأيام الأخيرة من شهر يناير الماضي «أنه يتعين على الأردن ومصر استقبال مزيد من الفلسطينيين من غزة، بحجة أن الهجوم العسكري الإسرائيلي تسبب في وضع إنساني مر، وأسفر عن مقتل عشرات الآلاف».
وعندما سئل ترامب عما إذا كان هذا اقتراحًا مؤقتًا أو طويل الأجل قال: يمكن أن يكون هذا أو ذاك!! وأضاف: أنه تحدث مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وقال له: إنه يود أن تستقبل بلاده مزيدًا من سكان غزة، وأود أن تستقبل مصر أيضًا أشخاصًا، فنحن نتحدث عن مليون ونصف مليون شخص، ونقوم بتطهير المنطقة برمتها ومن الأفضل المشاركة مع بعض الدول العربية، وبناء سكن في موقع مختلف، حيث يمكنهم العيش في سلام على سبيل التغيير!!
لقد مثلت هذه التصريحات صدمة للكثيرين، حيث أفصحت عن الرغبة الأمريكية المباشرة، وهو أمر ردت عليه الخارجية المصرية على الفور، رافضة مبدأ التهجير ومؤكدة على حقوق الشعب الفلسطيني ورفض تصفية قضيته.
لم يكن الموقف المصري جديدًا، لقد أكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي لمرات متعددة، فقد صرح خلال اللقاء الذي عقده في أكاديمية الشرطة في العاشر من أكتوبر من عام 2023، أي بعد أيام قليلة من انتفاضة الأقصى «أن مصر لا يمكن أن تقبل بتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأرض المصرية، وأن مبدأ التهجير مرفوض جملة وتفصيلًا».
في هذا الوقت كانت القاهرة قد حذرت من السماح بوضع يفر فيه النازحون الفلسطينيون من القطاع إلى سيناء، وحذرت من أن مثل هذا الاحتمال يمكن أن يسبب قطيعة في العلاقات بين مصر وإسرائيل، وفقًا لما نشره موقع «أكسيوس» في هذا الوقت.
وفي يوم الأربعاء الماضي، وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقد على هامش القمة المصرية- الكينية، أكد الرئيس السيسي على عدد من الثوابت تحدد تعامل مصر مع القضية الفلسطينية على الوجه التالي:
- أن حل أزمة الفلسطينيين ليس بإخراجهم من أماكنهم، بل إن الحل الحقيقي يكمن في حل «الدولتين» وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
- أنه لا يمكن «الحياد أو التنازل» عن ثوابت الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية.
- أنه لا مجال للسماح بتهجير الفلسطينيين لما له من تأثير على الأمن القومي المصري.
- أن الموقف المصري من قضية تهجير الفلسطينيين هو موقف ثابت سواء «بقيت في مكاني أم لم أبق».
- أن الشعب المصري بأكمله على استعداد للخروج إلى الشارع رفضًا لتهجير الفلسطينيين.
- من المهم للجميع أن يعرف أن هناك في المنطقة أمة لها موقف بشأن تهجير الفلسطينيين، وما حدث من تهجير في الماضي لن يتكرر مرة أخرى وأن مصر لا يمكن أن تشارك في ظلم الشعب الفلسطيني، كما لا يمكن التساهل أو السماح بالمساس بالأمن القومي المصري.
- أن مصر عازمة على العمل مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتوصل إلى سلام منشود قائم على حل الدولتين.
تلك هي ثوابت الموقف المصري التي أكد عليها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال هذا اللقاء، ولكن من الواضح أن هذا الموقف أثار حالة من الاستياء لدى حكومة نتنياهو المتطرفة، فاشتعلت وسائل الإعلام الإسرائيلية بالحديث عن تنامي القدرات العسكرية المصرية، وتواجد القوات في وسط سيناء، معتبرة أن ذلك يمثل خرقًا لاتفاقيات السلام الموقعة بين البلدين كما يزعمون.
في هذا الوقت نشرت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية والمعبرة عن «الموساد» صورة للرئيس عبد الفتاح السيسي أثناء استقباله للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الذي لقي مصرعه في تفجير الطائرة الإيرانية التي كانت تقله، وكأن هناك رسالة موجهة إلى الرئيس السيسي بأن هذا المصير ينتظرك إذا لم تتوقف عن دعم القضية الفلسطينية ورفض التهجير، وقد أثارت هذه «الرسالة» الضمنية غضبًا واسعًا في الشارع المصري، الذي وقف بكل جسارة خلف الرئيس داعمًا لمواقفه المعبرة عن المصلحة الوطنية ورفض المشاركة في تصفية القضية الفلسطينية.
لم تتوقف الحملة الإسرائيلية عند هذا الحد، فبعد أيام قليلة من هذا التقرير «المشبوه» خرج السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة بتصريحات معادية أكد فيها:
- قلق إسرائيل مما أسماه بالترسانة العسكرية المصرية المتنامية والمتقدمة.
- أعرب عن مخاوفه مما يسميه بالتوسع العسكري المصري متسائلًا عن ضروراته في غياب التهديدات.
- أن هذا القلق يجعل إسرائيل تدق أجراس الإنذار، حيث يعلمنا درسًا يوجب علينا مراقبة مصر عن كثب والاستعداد لكل السيناريوهات.
- يجب أيضًا أن نشرك الولايات المتحدة ونسألها.. لماذا تحتاج مصر إلى كل هذه المعدات؟
تلك كانت واحدة من الرسائل الإسرائيلية التي تعني أن هناك تصعيدًا في الموقف الإسرائيلي تجاه ما تسميه بتنامي القوة العسكرية المصرية.
وسط سياق هذه التطورات جاءت مكالمة الرئيس الأمريكي للرئيس السيسي، وهي مكالمة أعرب فيها الرئيس السيسي عن ثوابت الموقف المصري، حيث أكد على أهمية التوصل إلى سلام دائم في المنطقة، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي يعوِّل على قدرة الرئيس ترامب على التوصل إلى اتفاق سلام دائم وتاريخي ينهي حالة الصراع القائمة منذ عقود، خاصة مع انحياز ترامب إلى السلام.
وقد شدد الرئيس السيسي على ضرورة تدشين عملية سلام تفضي إلى حل دائم في المنطقة، داعيًا الرئيس الأمريكي إلى زيارة مصر، كما أن الرئيس ترامب وجه أيضًا الدعوة إلى الرئيس المصري لزيارة واشنطن.
المهم في الأمر، ووفقًا لبيان المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن الطرفين اتفقا على:
- أهمية استمرار التواصل بينهما والتنسيق والتعاون بين البلدين في القضايا ذات الاهتمام المشترك.
- التأكيد على ضرورة تكثيف الاجتماعات بين المسئولين المعنيين من الجانبين لمواصلة دفع العلاقات الثنائية في جميع المجالات.
- دراسة المضي في معالجة الموضوعات المختلفة مما يعكس قوة وعمق العلاقات الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة.
لقد تطرق الاتصال إلى العديد من القضايا الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية التي تهم مصر والولايات المتحدة، إلا أن القضية الفلسطينية كانت هي الحاضرة وبقوة خلال هذا الاتصال.
صحيح أن هناك نقاطًا خلافية لا يمكن التغاضي عنها، إلا أن القاهرة ترى أن حل مثل هذا القضايا يجب أن يتم برؤية دبلوماسية، من شأنها أن تحقق الاستقرار في المنطقة، وتحد من الصراعات الناشبة في الوقت الراهن.
خلال هذا الاتصال، لم يتراجع الرئيس السيسي عن مواقفه وثوابته التي أعلنها أكثر من مرة، وهو أمر يتوجب تفهمه من قبل الإدارة الأمريكية، خاصة أن هذه الثوابت تستند إلى القرارات الدولية الصادرة من مجلس الأمن والأمم المتحدة والتي تقر بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وتضمن حق العودة للاجئين الفلسطينيين في الخارج.
إن المتابع لرؤية الرئيس السيسي وقدرته على احتواء العديد من المواقف الناشبة لا يسعه إلا أن يتوقف أمام الطرح ومفرداته واستناده إلى الأسس القانونية في إطار يسعى إلى حل الأزمة، ووقف تداعي الأحداث والصراعات التي تموج بها المنطقة.
اقرأ أيضاً
مصطفى بكري: الرئيس السيسي لم يتردد في مواجهة الضغوط والتأكيد على رفض تهجير الفلسطينيينالرئيس السيسي يؤكد لـ ترامب أهمية التوصل إلى سلام دائم في المنطقة
أخبار متعلقة :