أرض المملكة

غير نفسك! - أرض المملكة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
غير نفسك! - أرض المملكة, اليوم الثلاثاء 28 يناير 2025 10:59 صباحاً

بقلم: عيسى المزمومي

إن البرمجة اللغوية العصبية (NLP) هي إحدى الأدوات الحديثة التي تسعى لتحفيز الإنسان على تحقيق إمكانياته الكاملة من خلال إعادة صياغة الأفكار والمعتقدات التي تحد من تطوره. وُلدت هذه التقنية في سبعينيات القرن الماضي على يد ريتشارد باندلر وجون جريندر، وتهدف إلى دراسة أنماط السلوك واللغة لدى الأفراد الناجحين بغرض محاكاتها. ومع مرور الوقت، أصبحت البرمجة اللغوية العصبية وسيلة فعّالة لتحسين التواصل، وتعزيز الثقة بالنفس، وتجاوز العادات السلبية.
ولكن هل يمكن أن يكون للتغيير الذاتي جذور أكثر عمقاً تستند إلى التجارب الشخصية؟! في هذا السياق، تبرز الدكتورة هناء حجازي كأحد النماذج الملهمة التي طبّقت مفهوم التغيير الذاتي بأبعاده المختلفة من خلال الجمع بين الطب والأدب والفن التشكيلي!
تعمل البرمجة اللغوية العصبية على الربط بين الفكر واللغة والسلوك. فالعقل البشري يشبه الحاسوب الذي يمكن برمجته للتعامل مع المواقف بطرق معينة. من خلال تغيير الأنماط الذهنية، يمكن للفرد أن يعيد تشكيل طريقة تعامله مع التحديات اليومية. هذا التغيير لا يعتمد فقط على التحفيز اللحظي، بل على بناء استراتيجيات مستدامة تحقق نتائج طويلة الأمد.أولى خطوات التغيير تكمن في إدراك الذات. الإنسان ليس محكوماً بالظروف الخارجية فقط، بل بما يدور في داخله. فمن خلال البرمجة اللغوية العصبية، يستطيع الفرد أن يواجه مخاوفه ويتغلب على العوائق النفسية ليعيد توجيه طاقاته نحو أهدافه.
تُعتبر المبدعة السعودية الدكتورة هناء حجازي نموذجاً حياً على كيفية الاستفادة من البرمجة اللغوية العصبية، سواء بوعي مباشر أو غير مباشر. تجمع حجازي بين الطب والكتابة الأدبية والفن التشكيلي، مما يعكس قدرتها على إدارة مسارات متعددة بنجاح. وُلدت عام 1965 م .في جدة، وكانت بداياتها مع الكتابة القصصية في أواخر الثمانينيات. ورغم انشغالها بالطب، تمكنت من إصدار عدة مؤلفات تُعبر عن فلسفتها في الحياة!
من خلال رواياتها مثل “امرأتان” و”راحة”، وكتابها “مختلف: طفل الأسبرجر: مختلف لكن ليس أقل”، أظهرت حجازي قدرتها على استلهام التحديات وتحويلها إلى أعمال أدبية تخاطب القارئ بلغة إنسانية عميقة. في أحد حواراتها، تقول: “الكتابة هي الهواء الذي أتنفسه، وهي التعب الذي يرهق الأعصاب، والمرهم الذي يزيل الألم”. هذه العبارة تلخص فلسفتها في مواجهة الحياة، إذ ترى أن الكتابة ليست مجرد تفريغ شحنات أو انعكاس ذاتي، بل هي وسيلة لتجسير الفجوة بين الواقع والحلم.
إن تحديد الهدف هو بداية أي رحلة تغيير. من المهم أن تكون الأهداف واقعية وقابلة للقياس. فالهدف الواضح يمنحك بوصلة توجهك ويجعل الجهد أكثر تركيزاً. الأفكار السلبية هي العائق الأكبر أمام التغيير، ومن خلال تقنيات مثل التنويم الذاتي أو استخدام التأكيدات الإيجابية، يمكن تحويل هذه الأفكار إلى قوى دافعة لتحقيق الأهداف.
كل تجربة نعيشها، سواء كانت إيجابية أو سلبية، تُعتبر درساً. تحليل هذه التجارب يساعدنا على تجنب الأخطاء السابقة وبناء مستقبل أفضل. البرمجة اللغوية العصبية تؤكد على أهمية تحسين مهارات التواصل، ليس فقط مع الآخرين، بل مع الذات أيضاً. الحديث الإيجابي مع النفس يساعد على تعزيز الثقة، مما ينعكس على التفاعل مع العالم الخارجي. الإنسان كالأشجار التي تُبدل أوراقها في فصول العام، عليه أن يكون مرناً أمام التغيير. الحياة لا تثبت على حال، ومن يقاوم التغيير يفقد فرصة النمو. إن تجربة الدكتورة هناء حجازي تعكس أن التغيير ليس عملية سطحية، بل رحلة عميقة تبدأ من الداخل. شغفها بالكتابة والقراءة منذ الطفولة، ودعم والدتها وأخيها، كانا الحجر الأساس الذي بنيت عليه حياتها. ورغم أنها لم تضع جمهوراً معيناً في ذهنها أثناء الكتابة، إلا أن صدقها في التعبير جعل كتاباتها تلقى صدى واسعاً. تُبرز حجازي في روايتها “راحة” فكرة أن التغيير يبدأ من القرار الفردي بالسعي نحو الأفضل، حتى في ظل ظروف معقدة. وهذا يتقاطع مع ما تدعو إليه البرمجة اللغوية العصبية من أهمية الإيمان بالذات والبحث عن الحلول داخل النفس، بدلاً من انتظار الظروف المثالية.
فإذا أردنا تغيير العالم من حولنا، علينا أن نبدأ بتغيير أنفسنا أولاً. قد يكون التغيير صعباً في بدايته، لكنه كالنهر الذي يشق طريقه وسط الصخور ليصل إلى هدفه. إن التخلص من الأفكار السلبية واستبدالها بنظرة إيجابية نحو الحياة يجعلنا نعيش حياة أكثر توازناً.
التغيير ليس مجرد قرار لحظي، بل هو رحلة مستمرة نحو الأفضل. ومن خلال البرمجة اللغوية العصبية، يمكننا أن نعيد برمجة عقولنا لتكون أكثر مرونة وإيجابية. تجربة الدكتورة هناء حجازي تؤكد أن الإبداع والتغيير صنوان، وأن التحديات ليست سوى دروس تنير طريقنا. ابدأ الآن رحلتك في التغيير، اجعل من كتاباتك وقراءاتك وتفاعلاتك اليومية وسائل لتحسين ذاتك. ففي النهاية، أنت المعني بصناعة حياتك وصياغة مستقبلك!

أخبار متعلقة :