في عالم السياسة والإعلام، يصبح الدافع الذاتي أساسًا للصدق والمصداقية. الكاتب والصحفي الذي يحترمه الناس هو من يكتب عن قناعة وإيمان، وليس وفق توجيهات أو مصالح موجهة. كذلك، فإن السياسيين والمسؤولين السابقين يكشفون أنفسهم أمام الرأي العام، سواء كانوا ثابتين على مواقفهم أم متقلبين وفق الحاجة والطلب.
إن الانتماء للوطن لا يكون مجرد شعار، بل ممارسة فعلية تتجلى في وقت الشدة، حيث يظهر المخلصون حقًا، فيما يتوارى أصحاب المصالح الضيقة. من يقف مع الوطن يفعل ذلك عن قناعة، لا طمعًا في منصب أو استجابة لطلب. ولكن للأسف، نجد أن هناك فئة من المسؤولين الذين يظهرون في الإعلام ليس لإيصال الحقيقة، بل استجابة لرغبات جهات معينة، تارة يروجون لفكرة، وتارة أخرى يناقضونها إذا تغيرت المصالح.
الأمر لا يقتصر على الإعلام فقط، بل يمتد إلى المناصب التي شغلها هؤلاء. فالكثير منهم تقلدوا مناصب وزارية أو إدارية كبرى، ثم انتقلوا لإدارة شركات حكومية أو شبه حكومية أو مساهمة عامة دون امتلاك الكفاءة والخبرة، مما أدى إلى انهيارها أو إضعافها. إن هذه الدائرة من تبادل المنافع بين أصحاب الولاءات الظرفية تلحق ضررًا بالوطن ومؤسساته، وتمنع الكفاءات الحقيقية من أخذ مكانها الطبيعي في خدمة الوطن.
من هنا، تأتي مسؤولية الإعلام في عدم الترويج لهذه الشخصيات التي باتت مكشوفة للرأي العام، بل منح المساحة لمن يمتلك الانتماء الحقيقي والمصداقية، حتى لو كانت آراؤهم لا تعجب البعض، لأن الحقيقة وحدها هي ما تحتاجه الأوطان للنهوض.
الوطن يكبر بأبنائه الصادقين المخلصين الذين يعملون من أجله دون انتظار منافع أو مكاسب. أما أصحاب المصالح والمكاسب، فهم مثل السيارة التي لا تتحرك إلا بعد تعبئتها بالوقود. هؤلاء لن نجدهم عند الحاجة الحقيقية للوطن، لأن ولاءهم ليس للأرض، بل لما يجلب لهم المكاسب. وحين تنضب المنافع، يختفون كما ظهروا، تاركين الوطن لمن أحبوه بإخلاص ووفاء.
0 تعليق