في مسافة تتلاشى فيها الحدود بين الواقع والخيال، عملت مجموعة من الفنانين على تجسيد مراحل الحلم المختلفة، وتحويل عناصر الحياة اليومية إلى أشكال سريالية غامضة، وذلك في البيت الخليجي، الذي جمع فنانين من الخليج العربي في «مهرجان سكة للتصميم والفنون» الذي اختُتم أخيراً في حي الشندغة بدبي، وشكلت أعمال الفنانين دعوة صريحة إلى استكشاف عالم الأحلام غير المتوقع وربما المشوه، وذلك من خلال وسائط متنوعة تقدّم تجارب فنية جديدة وغير مألوفة.
شيء غريب
وتحدثت القيّمة الفنية على هذا المعرض، يارا أيوب، لـ«الإمارات اليوم»، قائلة: «تتسم أحلام العصر بكونها تأتي بعد وجبة غداء ثقيلة، فمصطلح (أحلام العصر) يُستخدم في الخليج للتعبير عن شيء غريب، وكل زاوية في البيت تحمل هذه الأحلام، وقد تم استخدام شخصية (عبود)، التي وُضِع مجسمٌ لها عند مدخل البيت وفي وسطه، بهدف الغوص في أحلامه من خلال تعريفات الفنانين المشاركين لمفهوم أحلام العصر»، ولفتت إلى أن الغرف تتسم بكونها تغوص بتفاصيل الحلم، بدءاً من المخ في الغرفة الأولى، فيما تبدأ الأحلام في الغرفة الثانية مع الذكاء الاصطناعي، الذي استخدمه الفنان العُماني مجاهد المالكي كوسيط فني، لتقدم في الغرفة الثالثة الإماراتية علياء الجوكر صوراً لجدة صديقتها بظروف غير تقليدية، أما الغرفة الرابعة، فأكّدت أيوب بأنها تُبرز ميول الفنانة القطرية نور العلي في تقديم الأساطير والفلكلور، فيما تقدم في الغرفة الخامسة الفنانة السعودية هديل الشعلان أعياد ميلاد الثمانينات، حيث زيّنت الغرفة بزينة أعياد الميلاد القديمة، التي تعبّر عن الأحاسيس التي كان يشعر بها الناس في تلك الفترة.
بصمة إنسانية
أما الغرفة السادسة فلفتت أيوب إلى أنها تقدم عمل الفنان الإماراتي، علي حمد سعيد حريمل، الذي اعتمد فيها على مسلسل «فريج»، لكنه قدمها بطريقة مختلفة، ليبين أن البصمة الإنسانية لن تتأثر على الإطلاق بالذكاء الاصطناعي، بينما قدمت الفنانة العُمانية خديجة المعماري، في الغرفة السابعة، السمك المحنط والمعلق في أرجاء الغرفة، وتستمر الأحلام مع التجربة الصوتية في الغرفة التالية مع فنان بحريني، ليستيقظ «عبود» في الغرفة الأخيرة مع الفنانة الإماراتية لطيفة العوضي التي قدمت السحاب والغيوم والتلال في عالم محفوف بالأحلام.
روح الطفولة
وأشارت أيوب إلى أن الفنانة الإماراتية، مريم العبيدلي، قدمت الرسومات المتحركة التي حملت الثقافة الخليجية، وعبّرت من خلالها عن روح الطفولة، أما مجسم «عبود»، فأشارت إلى أنه من تصميم الفنان العُماني، حمد الحارثي، الذي يصمم المجسمات الكبيرة، وقد نفذ المجسم بطريقة مميّزة في عُمان وتم تجميعه وتركيبه في دبي، واعتبرت أيوب أن التحدي الأبرز في هذا المشروع، كان عبارة عن إيجاد الفنانين القادرين على تجسيد الأعمال، وأن يمثلوا كل دول الخليج، موضحة بأنها حرصت على التنويع في الفنون الموجودة، التي جمعت بين التركيب والموسيقى والرسوم المتحركة.
وعملت الفنانة الإماراتية مريم العبيدلي على الرسوم المصورة، وتحدثت عن أعمالها، بالقول: «حرصت من خلال الرسومات على إبراز الهوية الإماراتية والعادات والتقاليد، وأردت أن تكون الرسومات شديدة الالتصاق بكل ما هو محلي، وتجمع بين التراثي والعصري، وقد استمتعت بالتجربة في تقديم الشخصيات التي كانت جزءاً من هذا المشروع الكبير»، وأكدت العبيدلي بأنها كانت تقدم الرسوم المصورة، لكنها دخلت عالم الرسوم المتحركة بشكل تدريجي، إذ بدأت تحرك الشخصيات حركات بسيطة، وراحت تزيد من حركتها حتى تمكنت من تقديم المقاطع التي عُرضت على جدران المنزل، وأشارت إلى أنها قدمت نحو 10 رسومات وهناك شخصيات مختلفة في كل رسمة، وقد استغرقت الرسومات شهوراً عدة حتى أُنجزت بالكامل، لاسيما أن تحريك الصور تطلب منها الكثير من الوقت كونها غير معتادة على هذا المجال.
3 أحلام
من جهتها، لفتت لمياء عيسى التي قدمت «مخ عبود» في الغرفة الأولى بالتعاون مع شيخة المطروشي وعنود العامري، إلى أن العمل يبرز ما يحدث في مخ (عبود)، وهناك ثلاثة أحلام مختلفة تمتد من الدماغ، وحين يجلس الزوّار يمكنهم الاستماع إلى مقطع صوتي يبرز ما يدور في مخ (عبود) للتعرف إلى طبيعة أحلامه، وأوضحت عيسى بأن العمل صُمم من الأقمشة والأنابيب التي تم وضع القطن بداخلها، لتأخذ شكل المخ، وقد احتاج العمل إلى نحو 60 كيلوغراماً من القطن، لتشكيل الأنابيب على شكل المخ، أما الوسائد فلفتت عيسى إلى أنها صُممت بالشكل التقليدي القديم الذي يتيح للناس التفاعل معها، فالعمل كله يتيح التفاعل من قبل الزوّار، وأكّدت بأنهن يعملن دائماً على المخ والأفكار.
استيقاظ «عبود»
جسّدت الفنانة لطيفة العوضي مرحلة ما بين الحلم والواقع حين يستيقظ (عبود)، وصممتها على شكل التلال الخضراء التي تقدم للناس إيحاء الحلم، فيما اللوحة التي رسمتها تحمل السحب، التي توحي بالأعمال اليومية والأشغال والمشكلات التي يمكن أن يمرّ بها المرء في يومه، وشددت العوضي على أنها أرادت أن تمنح الناس الأمل في الغرفة، مشيرة إلى أنها لم تكن قادرة على استخدام الإسمنت في العمل، لهذا اعتمدت على الرمل المبلل بالماء، وبعد تصميم شكل التلال وضعت طبقة خفيفة بين الإسمنت والجص، ومن ثم قامت بتغطيتها بالأعشاب الاصطناعية، وأكدت أن تنفيذ العمل استغرق أسبوعاً كاملاً، مشيدة بتجربة مهرجان «سكة» وما يحمله من تجارب مميّزة وأجواء رائعة تحفّز الفنانين على المشاركة.
يارا أيوب:
. تم استخدام شخصية «عبود»، التي وُضِع مجسمٌ لها عند مدخل البيت، بهدف الغوص في أحلامه من خلال تعريفات الفنانين المشاركين لمفهوم أحلام العصر.
مريم العبيدلي:
. حرصتُ من خلال الرسومات على إبراز الهوية الإماراتية والعادات والتقاليد، وأردت أن تكون الرسومات شديدة الالتصاق بكل ما هو محلي.
لمياء عيسى:
. هناك ثلاثة أحلام مختلفة تمتد من الدماغ، وحين يجلس الزوّار يمكنهم الاستماع إلى مقطع صوتي يبرز ما يدور في مخ «عبود» للتعرف إلى طبيعة أحلامه.
لطيفة العوضي:
. اعتمدت على الرمل المبلل بالماء، وبعد تصميم شكل التلال وضعت طبقة خفيفة بين الإسمنت والجص، ومن ثم قمت بتغطيتها بالأعشاب الاصطناعية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
0 تعليق