الأردن وترامب: بين المناورة السياسية وتجنب الفخاخ الدبلوماسية - أرض المملكة

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
جو 24 :

 

في لقاء غير تقليدي جمع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بالرئيس الأمريكي  دونالد ترامب، وجد الأردن نفسه أمام اختبار دبلوماسي صعب فرضته شخصية ترامب المفاجئة وأسلوبه غير المتوقع. ورغم حساسية القضايا المطروحة، خصوصًا ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والتهجير، اختار الملك عبد الله نهج المناورة السياسية بدلاً من الصدام المباشر، في خطوة تعكس فهماً عميقًا لموازين القوى.

كان الاجتماع في الأصل مغلقًا، لكن ترامب فاجأ الجانب الأردني بدعوة الصحفيين بشكل مفاجئ، في محاولة لوضع الملك عبد الله تحت الضغط الإعلامي وإحراجه أمام الرأي العام. هذا الأسلوب يتماشى مع تكتيكات ترامب التي تعتمد على إحداث المفاجأة ودفع خصومه إلى مواقف غير محسوبة.

رغم الضغوط، لم يتراجع الملك عبد الله عن موقف بلاده الثابت تجاه القضية الفلسطينية، بل تبنّى نهجًا دبلوماسيًا قائمًا على المناورة. أكد أن الدول العربية بصدد تقديم خطة مشتركة تقودها مصر إلى الإدارة الأمريكية، في رسالة واضحة بأن الأردن لا يتحرك منفردًا، بل ضمن تحالف إقليمي أوسع.

أما في ما يتعلق بقضية التهجير، فقد اختار الملك تجنب الرد الصدامي، مكتفيًا بالإشارة إلى استقبال بلاده ألفي طفل للعلاج، وهو تصريح محسوب بدقة، حيث لم يمنح ترامب فرصة للحصول على تأييد أردني علني لخطة غير معلنة بالكامل، ما أصابه بالإحباط.

بينما يرى البعض أن الأردن كان يجب أن يكون أكثر وضوحًا في رفض مخططات التهجير وضم الضفة الغربية، إلا أن الواقع السياسي يفرض حسابات دقيقة. الأردن، بحكم موقعه الجغرافي وإمكانياته الاقتصادية، ليس في وضع يسمح له بالدخول في صدام مفتوح مع واشنطن، خصوصًا مع إدارة مثل إدارة ترامب، التي لا تتردد في استخدام العقوبات الاقتصادية كأداة ضغط. لذا، فإن تفويت فرصة المواجهة العلنية، مع التمسك بالمواقف الثابتة، بدا خيارًا أكثر حكمة.

لم يترك الأردن الساحة مفتوحة للتأويل، حيث أصدر بيانًا رسميًا أوضح فيه ما دار خلال الاجتماع، كما خرج وزير الخارجية ورئيس الوزراء بتصريحات تؤكد ثبات الموقف الأردني دون تقديم تنازلات.

من أبرز النقاط التي شدد عليها الملك عبد الله أهمية تبني موقف عربي موحد بقيادة مصر، خصوصًا في التعامل مع واشنطن. فالتفاوض الجماعي، خاصة بوجود دول ذات ثقل اقتصادي مثل السعودية، قد يكون أكثر تأثيرًا على قرارات الإدارة الأمريكية مقارنة بالمواقف الفردية.

المشهد السياسي الحالي يتطلب براغماتية عالية في التعامل مع القوى الكبرى، خاصة مع شخصيات غير تقليدية مثل ترامب. ورغم أن البعض يرى أن الرد الأردني لم يكن حاسمًا، إلا أن تبنّي سياسة المناورة الحذرة وتجنب التصعيد كان الخيار الأكثر منطقية. يبقى التحدي الحقيقي في قدرة الدول العربية على تقديم رؤية موحدة وفعالة لمواجهة التحديات دون خسائر غير محسوبة.

 

.


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق