نضال العضايلة
يواجه الأردن اليوم واحدة من أخطر المراحل في تاريخه الحديث، حيث تتصاعد الضغوط والمخططات التي تستهدف سيادته وأمنه الوطني، ففكرة تحويل الأردن إلى "وطن بديل” للفلسطينيين ليست مجرد خرق للسيادة، بل محاولة لتصفية القضية الفلسطينية على حسابه.
وفيما يتشدق دونالد ترامب بتهجير الفلسطينيين من غزة الى الأردن ومصر، فهو لا يعي ما يقول، على الأقل من الناحية النفسية، ذلك ان الرجل مصاب ومهووس بداء العظمة، ولعله بذلك يصب الزيت على النار، غير مدرك لما يقول، خصوصاً وأنه يعي تماماً ان الأردن ليس بديلاً عن فلسطين ولن يكون منصة لحل أزمات الاحتلال الإسرائيلي على حساب استقراره وسيادته.
ولعل هذا المعتوه يدرك أن الأردن لن يقف صامتا أمام تهجير فلسطينيي الضفة، وعلى مختلف الصعد، رسمياً وشعبياً، فتصريحاته ما هي إلا محاولة فاشلة لتهجير الفلسطينيين قسرًا من ديارهم إلى الأردن ومصر، وهو ما يرفضه الأردن باعتباره مؤامرة أميركية صهيونية لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن.
ليس جديداً على ترامب ان يتبنى مشروع تهجير الفلسطينيين إلى خارج وطنهم، فهذا مشروعه منذ ولايته الأولى وهو جاد بتهجير الفلسطينيين مما يعد مؤشرا خطيرا يعطي ملامح لإعادة إحياء صفقة القرن، حيث يضع ترامب الدبلوماسية العربية في أكثر كوابيسها رعباً.
واذا كانت قنوات ترامب في المنطقة تعمل على إيصال ما تراه وتسمعه فعليه ان يعلم بوضوح ان الموقف الأردني الرسمي والشعبي يرفض الخطة الأميركية، وهو الموقف الذي أعلن عنه في وقت سابق وفي أكثر من مناسبة فالاردن يرفض رفضاً قاطعاً الوطن البديل، ويرفض تهجير الفلسطينيين، وأن أي تسوية على حساب الأردن مرفوضة تماما.
لقد وضع الرئيس الأميركي ملامح صادمة لخارطة طريق لحل الأزمة في قطاع غزة على مقاس إسرائيل ورؤيتها، وأخرج ما كان يتم تداوله سرا إلى العلن منذ فترة بشأن ما عرف بصفقة القرن التي من بين بنودها ترحيل سكان غزة إلى مصر والأردن، وهو ما قد يُحدث ارتدادات سياسية في المنطقة، لأن المقترح يخلط أوراقا إقليمية، ويؤثر على استقرار المنطقة.
ولعل ما يمكن وصف مقترح دونالد ترامب انه موقف عدائي وخطير جدا ويمثل تهديدا للأمن والاستقرار في دول حليفة لواشنطن، وهو محاولة لتصفية القضية الفلسطينية، لا بل فهو يعتبر تطهير عرقي بما تحمل الكلمة من معنى.
بكل تأكيد ستمارس إدارة ترامب ضغوطا غير مسبوقة، و"قد بدأت بذلك من خلال وقف المساعدات الأمريكية للأردن" من اجل القبول بهذه الخطة، لكن الأردن سيتصدى للخطة فهو يرفض أن يكون وطنا بديلا للفلسطينيين.
ويعد خطاب تراب جزء من الإستراتيجية الأميركية تجاه الشرق الأوسط، ومحاولة قديمة جديدة لتصفية القضية الفلسطينية لصالح إسرائيل، والأردن لن يسمح بذلك، وأي اعتداء على ثوابت أمنه القومي سيواجه بصرامة وحزم.
المطلوب اليوم تحرك "أردني عربي" دبلوماسي يضم السعودية ومصر ودولا أخرى، لرفض تهديدات التطهير العرقي في غزة والتهجير والتأكيد على ثوابت القضية الفلسطينية، والتصدي لأية تحديات قد تمس بالأمن الوطني واستقراره.
0 تعليق