نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ما هو الأكسجين الداكن؟ - أرض المملكة, اليوم الأربعاء 22 يناير 2025 09:24 مساءً
أوضحت الأبحاث الأولية أن العقيدات الصخرية الغنية بالمعادن، التي توجد بشكل رئيسي على عمق 4 آلاف متر تحت سطح الماء في منطقة "كلاريون كليبرتون"، تُطلق شحنة كهربائية تؤدي إلى تقسيم مياه البحر إلى أكسجين وهيدروجين من خلال عملية التحليل الكهربائي.
تتحدى هذه الظاهرة الطبيعية غير المسبوقة الفكرة القائلة بأن الأكسجين لا يمكن إنتاجه إلا من خلال ضوء الشمس عبر عملية التمثيل الضوئي.
وشرع أندرو سويتمان، وهو أستاذ في الجمعية الاسكتلندية للعلوم البحرية في المملكة المتحدة والذي كان وراء هذا الاكتشاف، في مشروع مدته ثلاث سنوات للتحقيق بشكل معمّق في إنتاج "الأكسجين الداكن".
يستخدم سويتمان وفريقه معدات مصممة خصيصًا مزوّدة بأجهزة استشعار يمكن نشرها على عمق يصل إلى 11 ألف متر. وتقوم مؤسسة "Nippon" اليابانية بتمويل مشروع البحث الذي تبلغ تكلفته 2.7 مليون دولار.
وقد كشف الأكسجين الداكن عن مدى قلة ما نعرفه في أعماق المحيط، ومنطقة "كلاريون كليبرتون" على وجه الخصوص. ويجري استكشاف المنطقة لاستخراج المعادن النادرة الموجودة في العقيدات الصخرية بقاع البحر.
تتشكل هذه العقيدات على مدى ملايين السنين، وتؤدي المعادن دورًا رئيسيًا في التقنيات الجديدة والصديقة للبيئة.
في بيان صحفي، صرّح سويتمان، وهو أيضا رئيس مجموعة علم البيئة والكيمياء الحيوية لقاع البحر في مؤسسته، قائلا: "كان اكتشافنا للأكسجين الداكن تحولًا نموذجيًا في فهمنا لأعماق البحار والحياة المحتملة على الأرض، لكنه أثار أسئلة أكثر من الإجابات".
وتابع: "سيمكّننا هذا البحث الجديد من استكشاف بعض هذه الأسئلة العلمية"، لافتًا إلى أن الهدف الأولي للمشروع الجديد يتمثل بتحديد ما إذا كان إنتاج الأكسجين الداكن قد تكرّر بمناطق أخرى من منطقة "كلاريون كليبرتون"، حيث يمكن العثور على العقيدات، ثم فك شيفرة كيفية إنتاج الأكسجين.
وأكدّ سويتمان أن فهم الظاهرة بشكل أفضل يمكن أن يساعد علماء الفضاء أيضًا في العثور على حياة خارج الأرض.
من الصعب إنتاج الأكسجين من دون الطاقة المستمرة الصادرة عن ضوء الشمس. لكن، واجه علماء آخرون أيضًا جزيئات أكسجين غير متوقعة في أماكن نائية محرومة من أشعة الشمس. وقد لفت سويتمان إلى أن إنتاج الأكسجين الداكن قد يكون ظاهرة أوسع تم تجاهلها.
أما إميل روف، وهو عالم الأحياء الدقيقة في مختبر الأحياء البحرية بمنطقة "وودز هول" بولاية ماساتشوستس الأمريكية، فقد اكتشف وجود الأكسجين في عينات المياه العذبة في مقاطعة ألبرتا الكندية على عمق يتراوح بين عشرات ومئات الأمتار تحت البراري الكندية، وهو الاكتشاف الذي أبلغ عنه هو وزملاؤه من جامعة كالجاري ومؤسسة وودز هول لعلوم المحيطات بدراسة نُشرت في يونيو في عام 2023.
في بعض الحالات، كان الأكسجين الداكن معزولاً عن الغلاف الجوي فوق الأرض لأكثر من 40 ألف عام. وإذا لم تتم إضافة الأكسجين باستمرار إلى بيئة معينة (من خلال الأشجار والنباتات، على سبيل المثال)، فإنه سيختفي في النهاية.
وقال روف: "بعد ما يتراوح بين 30 أو 40 ألف سنة (من الانفصال عن العمليات السطحية)، لا يوجد سبب حقيقي للاعتقاد بأن أي أكسجين سيظل موجوداً، خاصة أن الأكسجين يُعد مستقبلاً للإلكترونات، وعادة ما يتأكسد كيميائياً أو ميكروبياً".
اكتشف روف في النهاية أن الميكروبات الموجودة في الماء كانت تنتج الأكسجين. ويبدو أن هذه الميكروبات قد طوّرت حيلة غامضة تتيح لها إنتاج الجزيئات في غياب ضوء الشمس.
من خلال سلسلة من التفاعلات الكيميائية، تمكنت الميكروبات من تحليل مركّبات قابلة للذوبان تُسمى "النيتريت"، وهي جزيئات تتكون من ذرة نيتروجين وذرتين من الأكسجين، لإنتاج الأكسجين الجزيئي في عملية تُعرف باسم "التفكك المزدوج". وكانت الميكروبات قادرة على استخدام الأكسجين لاستهلاك الميثان الموجود في الماء للحصول على الطاقة.
إضافة لذلك، اكتشف روف أن كمية الأكسجين التي يتم إنتاجها كانت كافية لدعم حياة ميكروبية أخرى تعتمد على الأكسجين في المياه الجوفية.
وأوضح أن "الطبيعة تواصل مفاجأتنا، هناك الكثير من الأشياء التي قال الناس إنها مستحيلة، ولكن في وقت لاحق اتضح أنها ليست كذلك".
لمواصلة التحقيق في ظاهرة "الأكسجين الداكن"، سافر روف وفريقه إلى منجم بعمق 3 كيلومترات في جنوب إفريقيا لأخذ عينات من الماء الذي كان محصورًا في الصخور على مدار 1.2 مليار سنة.
وكان العلماء على علم مسبق بأن المياه في المنجم تحتوي على جزيئات الأكسجين، لكن كيفية تكوّنها كان بمثابة أمر لا يزال غير واضحًا.
يُستخرج من الموقع الذهب واليورانيوم، وهو معدن مشع. ويُعتبر "التحليل الإشعاعي"، وهو عبارة عن انقسام جزيئات الماء بفعل النشاط الإشعاعي، أحد الطرق المحتملة لإنتاج الأكسجين من دون الحاجة إلى أشعة الشمس. بدلاً من ذلك، قد يتضمن إنتاج الأكسجين دورًا للميكروبات في عمليات مشابهة لتلك التي اكتشفها روف في المياه الجوفية بكندا.
من جهته، قال سويتمان إن المشروع الجديد سيسعى أيضًا لفهم ما إذا كانت التفاعلات الميكروبية قد لعبت دورًا بإنتاج الأكسجين في ظلمة قاع البحر. وعلى وجه الخصوص، سيركز المشروع على كيفية إطلاق الهيدروجين أثناء إنتاج الأكسجين بواسطة العقيدات المعدنية، وما إذا كان الهيدروجين قد استُخدم كمصدر طاقة لمجتمعات الميكروبات المكتشفة في أجزاء من أعماق المحيط.
يأمل روف في التعاون مع سويتمان وعلماء آخرين مشاركين في أبحاث الأكسجين الداكن لفهم كيفية اختلاف النمط الكيميائي للأكسجين الناتج عن التحليل الكهربائي لمياه البحر عن ذلك المنتج بواسطة الميكروبات أو التحليل الإشعاعي.
لفت سويتمان إلى أن المسؤولين في وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" لديهم اهتمام بالبحث عن إنتاج الأكسجين الداكن نظرا لأنه قد يفيد الفهم العلمي لكيفية استمرار الحياة على كواكب أخرى من دون ضوء الشمس المباشر.
وأضاف سويتمان أن وكالة الفضاء الأمريكية تريد إجراء تجارب لفهم كمية الطاقة اللازمة لإنتاج الأكسجين عند ضغوط أعلى تحدث على سطح "إنسيلادوس" و"أوروبا"، وهما عبارة عن قمرين جليديين تابعين لكوكبي زحل والمشتري.
تُعد هذه الأقمار من بين الأهداف للتحقق من إمكانية وجود حياة خارج كوكب الأرض.
وتهدف شركات التعدين في أعماق البحار إلى استخراج الكوبالت، والنيكل، والنحاس، والليثيوم، والمنجنيز الموجودة في العقيدات لاستخدامها في الألواح الشمسية، وبطاريات السيارات الكهربائية وغيرها من التقنيات الصديقة للبيئة. وقد اعترضت على بحث سويتمان بعض تلك الشركات .
رأى النقاد أن التعدين في أعماق البحار قد يلحق ضررا لا رجعة فيه بالبيئة البكر تحت الماء، وقد يعطّل طريقة تخزين الكربون في المحيط، ما يساهم في أزمة المناخ.
وأكدّ سويتمان أنه كان على علم بردود الفعل الحاسمة، وسيمكنه الردّ "من خلال قنوات خاضعة لمراجعة الأقران، موضحًا: "نحن مقتنعون تمامًا بأن هذه عملية حقيقية تجري في قاع البحر".
نقلا عن CNN بالعربيةيمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل
0 تعليق