حكم هلالي ينقذ النصر ويحتسب هدف ماجد - أرض المملكة

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حكم هلالي ينقذ النصر ويحتسب هدف ماجد - أرض المملكة, اليوم الأحد 23 فبراير 2025 01:34 مساءً

في أي حديث عن أهداف الكرة السعودية، يرفع الأسطوري ماجد عبد الله هامته عاليًا، فلا يمكن أن تتحدث عن الهدف من دون ذكر الهداف.. هذا ما يمكن تسميته الانعزال عن الواقع، والتجني على الحقيقة.. تناوبت على هذا الماجد عشرات الألقاب المحبة والعاشقة والمنصفة.. لكنه على أية حال يبقى رجل الأهداف.. بكل الطرق والأشكال والوسائل والمناسبات، ترك ذلك العملاق الأسمر آثاره ماثلة على مسرح الشباك.. تعددت الأهداف وماجد متوحد على قمة لا يبدو الوصول إليها ممكنًا على المدى المنظور.. يرتقي أسطورة الكرة العالمية البرتغالي الاستثنائي كريستيانو رونالدو بقميص النصر فوق الرؤوس، باصمًا على هدف، مستعليًا أمام الوصل الإماراتي، فيستعيد النصراويون والكرويون قفزة ماجدية أورّخت حدثًا لا يتكرر في نهائي كأس الملك عام 1987.. يغرد حساب النصر الرسمي، الذي بات يتابعه الملايين حول العالم، متغزلًا بالهدف الكريستياني، ومستعيدًا ذاكرة هدف الملز، الذي سجله ماجد، واشتهر بهدف البرج، حينما ارتقى فوق جباه المدافعين الهلاليين، بينما أكمل الحارس خالد الدايل حينها المشهد السيريالي وهو يتصنم في مكانه متابعًا بحسرة الكرة تسكن شباكه من دون حراك.. تلك صورة عابرة عن لاعب ما كان بين العابرين.. حكايات الأهداف الماجدية طويلة.. مستبشرة فرحة للمحبين.. دامية لجوقة الكارهين.. أهداف ماجدية عديدة تركت بلا عمليات تحليلية كافية تنقب وراء مآلاتها وأسرارها الخافية..
في العام 1991 كان لماجد موعد مع واحد من الأهداف الجدلية.. يواجه النصراويين النجمة الصاعد حديثًا للكبار.. مباراة لم تنقلها الشاشة حينها، لأن التلفزيون كان منشغلًا في التوقيت ذاته بمواجهة الهلال والاتفاق.. تمضي الدقائق بصمود الفريق الجديد.. يتواصل دفاع النجمة ومن ورائهم حارسهم محمد الدبيبي في حلقة مستبسلة حرمت ماجد ورفاقه من زيارة المرمى.. فيما يسيطر التوتر على ليلة النصر والفريق يتجه لخسارة مدوية، بتعادل سلبي أمام النجمة كان ماجد يستعد لصناعة حدث يترك الوسط الرياضي منشغلًا لأسابيع بسيناريو هدف اختطف كل الاهتمامات.. ليس بجماله أو حرفنته أو صعوبته مثلًا، وإنما كونه يصبح أول لاعب سعودي يختطف الكرة المنطلقة من الحارس والمعلقة في الهواء.. هل كان الهدف صحيحًا؟.. هل كان الهدف مشروعًا؟.. هل كان الهدف واضحًا؟.. ما كانت الإجابة ذات أهمية واسعة، على الأقل عند النصراويين المستفيدين من احتسابه.. الأهم أنه هدف أكد المؤكد أن ماجد بكل هدف يدونه باسمه يمكن له أن يكون حدثًا صاخبًا تثار حوله كل الروايات المؤجلة.. اختطف ماجد الكرة، وأطلق الحكم بدر الحماد صافرته محتسبًا هدف الفوز، الذي جعل النصر يكسب اللقاء في سباقه المحموم على صدارة الدوري.. بدر الحماد كان أبرز وجه رياضي في المنطقة الشمالية.. كان حكمًا شهيرًا وحادًا وقويًا، وكان دائمًا يتصدى لأقوى منافسات مواجهات المنطقة الملتهبة والحساسة والمصيرية والصعبة.. قطع طريقًا طويلًا في هذا المجال حتى وصل إلى تكليفه بقيادة مباريات الدوري الممتاز.. بعد احتسابه الهدف، حاصره كل لاعبي النجمة اعتراضًا على القرار، لكن شيئًا لم يتغير جراء الاحتجاج المندفع.. بعد المباراة تحدث الرئيس النصراوي الراحل الأمير عبد الرحمن بن سعود عن المباراة وأحداثها، وقال: «كان الحكم بدر الحماد نجم المباراة الأول، وهذا هدية منطقة الجوف للكرة السعودية».
بعد مرور هذه الأعوام الممتدة على ذلك الهدف القضية، يستعيد بدر الحماد مجريات تلك اللحظات الحرجة.. يتحدث بكل ثقة وثبات مدافعًا عن قراره، ويقول: «مقتنع تمامًا بقرار احتسابي هدف ماجد في مرمى النجمة، فهو هدف صحيح 100 في المئة، لأن ماجد لم يلمس الكرة بيده أو يأخذها من بين يدي الحارس، بل اقتنص الكرة وهي في الهواء، واستدار بجسمه وسدد في الشباك، وهذا إجراء قانوني كرويًا وصحيح».
وعن الاعتراضات التي طالته بسبب احتسابه الهدف، قال: «لم يخرج أحد من خبراء التحكيم حينها ويشكك بصحة الهدف، بل حدث العكس عندما أيدت لجنة الأحكام برئاسة عبد الرحمن الدهام، ولم تكن هناك أية اعتراضات على الهدف.. قراري كان صحيحًا ولم أجد اعتراضًا عليه سوى من لاعبي النجمة في الملعب، وهذا أمر طبيعي في كرة القدم».
كان يشاع أن بدر الحماد تعهد بطرد ماجد عبد الله، وإشهار البطاقة الحمراء في وجهه خلال أول مباراة يقودها للنصر.. هذه من حكايات المجالس التي لا تثريب عليها.. يعرف عن بدر الحماد في مدينته رفحاء بهلاليته الحادة.. لكنه يرفض بكل دبلوماسية تثبيت هذه الرواية.. يقول بكلام متعقل: «ميولي الهلالية لم تؤثر على نزاهتي التحكيمية في المباراة، فغير صحيح أن أميل للنجمة على حساب النصر لأني هلالي، أو أتوعد ماجد عبد الله بالطرد لأنه نصراوي، فالحكم لا بد أن يتنحى بميوله تمامًا لأن واجبه الأول والأخير يتمثل في تحقيق العدالة».
في الجهة الموازية، هناك رجل آخر يستوجب الإصغاء إلى حديثه وكلامه ورأيه، عن الحدث والهدف.. محمد الدبيبي الحارس، الذي كاد يقود فريقه النجمة لنتيجة تاريخية بالخروج أمام القوة النصراوية بشباك نظيفة.. يقول الدبيبي بشهادته عن أجواء تلك الليلة المتفردة: «مباراتنا مع النصر موسم 1991 كانت في أول موسم صعود للنجمة إلى الدوري الممتاز، ومعنى إننا نلعب أمام النصر المدجج بالنجوم هو أمر كان حلمًا وخياليًا كوننا نواجه أساطير الكرة في ذلك الحين ماجد عبد الله، ومحيسن الجمعان، وفهد الهريفي، وصالح المطلق، واللعب أمام شاشات التلفزيون وجماهير متعطشة ومتشوقة لرؤية هذه الكوكبة من اللاعبين. المباراة كانت صعبة للغاية لكن الحظ كان حليفنا، ففي الوقت الذي كانت الجماهير تتوقع مشاهدة مهرجان أهداف في شباكي فوجئ الجميع بعدم رغبة الكرة في الولوج إلى مرماي طوال شوطي المباراة، فماجد يسدد في العارضة والقائم بالرأس وبالقدم ولا فائدة.. الكرة تأبى عبور خط المرمى. ماجد في منتصف الشوط الأول اقترب مني وقال لي: اربط الحذاء يا كابتن. وكان حلمًا بالنسبة لي أن أرى ماجد بعيني، فما بالك به يحدثني مباشرة، ويطلب مني ربط حذائي، فانتعشت فرحًا، ومنحني ماجد الإحساس بالطمأنينة الكبيرة، على الرغم من أنني لاحظت أكثر من مرة أنه يدرس تحركاتي من كل نواحي منطقة الجزاء، ومع كل مرة كنت أطمئن نفسي من ناحيته، وأشعر بالأمان، فهو ماجد عبد الله إلى أن جاءت الدقيقة 90 وحدث ما لم أتوقعه أبدًا.. ماجد يضيق الخناق علي حتى لا أمرر الكرة لزملائي وإجباري على أن أسدد بالقدم طويلة، وفعلًا سرت على هواه، وفي آخر الدقائق أجبرني على تسديد الكرة، فرفعتها إلى أعلى وأرجعت قدمي للخلف لكي أسدد فإذا بماجد يلتقط الكرة وهي في الهواء، ويسحبها كما يسحب الشعرة من العجين، لأسدد الهواء بقدمي قبل أن يلف ماجد جسمه ويسجل هدف النصر.. بعد الهدف توجهت إلى الحكم، ليس للاعتراض، لكن لتهدئة زملائي على الرغم من قناعتي بعدم صحة الهدف، لأن الكرة كما ينص القانون هي ملك للحارس حتى وهي في الهواء إلى أن تلمس الأرض، ووقتها تخرج من سيطرته، وكرة ماجد لم تصل إلى الأرض، بل سرقها في الهواء، وعشرات الأندية والمنتخبات تم إلغاء أهداف شبيه لهذا الهدف من قبل لعدم صحته.. لكن ماذا نفعل وصاحب الهدف هو ماجد عبد الله».
الخبير التحكيمي المصري محمد كمال ريشة يعلق على الحدث من وجهة نظر قانونية، ويقول: «هذا الهدف غير صحيح، وقانون الكرة في هذه الجزئية ـ الإجابة على سؤال متى يكون الحارس مسيطرًا على الكرة بيده أو بيديه ـ لم يتغير، الحالة الوحيدة التي يصبح فيها هذا التدخل مشروعًا هي وضع حارس المرمى الكرة على الأرض، عندما يطلقها على الأرض لا يحق له الإمساك بها مرة أخرى، لأن الحكم عندئذ سيحتسب ركلة حرة غير مباشرة عليه، وعند إطلاقها يحق للمهاجم الحصول عليها». ويواصل ريشة شروحاته للحالة بصورة متعمقة: «والإجابة على سؤال متى يكون الحارس مسيطرًا على الكرة بشكل يمنع المهاجم من التداخل معه؟ الحارس يُعدّ مسيطرًا على الكرة عندما يرميها في الهواء لتسديدها، وعندما ينططها على الأرض استعدادًا للتصرف فيها، وعندما تكون الكرة بين يده وجسده أو بين يده وأرضية الملعب، وعندما يحتجز الكرة بيده أو ذراعه وهو على الأرض.. وإطلاقًا لا يجوز منافسة الحارس عند سيطرته على الكرة».
إنها صورة غائبة من 35 عامًا لهدف ماجدي توارى بين مئات الأهداف التي ربما كانت بحاجة إلى إطار صغير، وكلمات بسيطة وحكاية ساهرة.. بحاجة الحماد والدبيبي، واستعادة كلمات الرمز النصراوي الكبير.. واستعادة ذاكرة لهداف عصي على الغياب..!!


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق