نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أوروبا تستطيع الدفاع عن نفسها في غياب الدعم الأميركي - أرض المملكة, اليوم السبت 22 فبراير 2025 02:09 صباحاً
يمكن أن تتخذ أوروبا إجراءات عدة للدفاع عن نفسها بمعزل عن اعتمادها على الولايات المتحدة. ويبدو أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يدرك مدى التحدي الذي يواجهه زعماء أوروبا في هذا الخصوص.
فبعد الهجوم اللاذع الذي شنه نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس على أوروبا السبت الماضي خلال مؤتمر ميونيخ للأمن الذي عقد أخيراً، وهو المكان نفسه الذي هاجم فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين النظام الأمني الغربي في عام 2007، دعا ماكرون إلى عقد قمة طارئة لقادة أوروبيين رئيسين في باريس بهدف تنسيق استجابة أوروبا.
لقد فهم ماكرون أن هذه لحظة تتطلب من القادة اتخاذ قرارات مناسبة، وليس بناء مؤسسات.
ورغم أن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوربي أنطونيو كوستا، كانا في قمة باريس، وكذلك الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو» مارك روته، إلا أن هذا لم يكن اجتماعاً مؤسسياً للاتحاد الأوروبي يمكن تقييده بحق النقض المؤيد للكرملين من المجر وسلوفاكيا.
لكن في الوقت نفسه، لم يكن هناك أي شيء واضح في هذه القمة، فقد حضرت المملكة المتحدة أيضاً، وكذلك بولندا وإسبانيا وهولندا، إضافة إلى ما يسمى بـ«الدول الثماني الشمالية البلطيقية»، وهي الدول الاسكندنافية، إلى جانب فنلندا ودول البلطيق التي لها حدود برية وبحرية مع روسيا، والتي ترى تهديد الكرملين بوضوح.
كما أن قمة باريس نفسها خرجت بتوصيات غير مكتملة، حيث اقترحت بريطانيا توفير قوات حفظ سلام لفرض صفقة قد تتوصل إليها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وروسيا دون مشاركة أوروبية، أو حتى أوكرانية.
مغامرة ترامب
ويبدو أن مغامرة ترامب هي صدى لاتفاقية يالطا لعام 1945، والتي بموجبها وافق الرئيس الأميركي آنذاك فرانكلين روزفلت، والزعيم السوفييتي جوزيف ستالين، على وضع أوروبا الشرقية تحت نفوذ الاتحاد السوفييتي.
وترددت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، فقد أصبح تحقيق التوازن بين عملها - كونها توصف بـ«صقر أوروبي جيد» تجاه روسيا مع الحفاظ على علاقات جيدة مع البيت الأبيض - محفوفاً بالمخاطر بشكل متزايد.
ورفض المستشار الألماني المحاصر أولاف شولتس، التفكير في إرسال قوات إلى أوكرانيا أو المزيد من الأموال، كما رفضت بولندا إرسال قوات، خصوصاً أن غرب أوكرانيا حساس تاريخياً بالنسبة لوارسو.
كان لكل دولة أسبابها لتتصرف بمفردها، لذا فقد انتهى الاجتماع إلى تقاعس جماعي. كانت الولايات المتحدة هي الجانب (الخيّر) والتي عادة ما تدفع الأوروبيين لإحراز تقدم في هذا المجال، والآن وجد الأوروبيون أنفسهم بمفردهم.
كان خطاب فانس وخطة ترامب المتهورة الرامية لتخلي الولايات المتحدة عن نفوذها في أوروبا، والتي كانت انعكاساً لقمة «يالطا»، بمثابة هجوم قاسٍ على المصالح والأمن الأوروبيين.
وتستطيع أوروبا الاستجابة لهذه التحديات إذا حشدت إرادتها، وعلاوة على ذلك، يمكنها الاستجابة دون تصعيد مباشر ضد الولايات المتحدة.
التمسك بأوكرانيا
ولا يعتبر نظام ترامب مرادفاً للولايات المتحدة، إذ يتعين على أوروبا أن تعمل مع معارضي ترامب وتحافظ على العلاقات مع الأعضاء العقلاء في الحزب الجمهوري الأميركي، مثل وزير الخارجية ماركو روبيو، وأعضاء الحزب الجمهوري في الكونغرس، حيث يتمتع الحزب بأغلبية ضئيلة للغاية.
ويبدو أن البيت الأبيض نفسه اتخذ منعطفاً ابتزازياً واضحاً، حيث إن ما يسمى بـ«مفاوضات السلام مع روسيا»، والتي أعقبت مطالبة ترامب بـ50% من الثروة المعدنية في أوكرانيا، تشكل مبادرة سيئة للغاية.
لن تتوقف أوكرانيا عن القتال، لأن البديل هو الإبادة والترحيل من قبل روسيا. والأسوأ من ذلك، إذا ظلت روسيا في أوكرانيا، فإنها ستستخرج موارد هذا البلد لإعادة بناء آلة الحرب وتجنيد رجالها ليكونوا وقوداً للمدافع لمزيد من التوسع، كما فعلت خلال الحقبة السوفييتية.
لذلك ليس أمام الدول الأوروبية خيار سوى التمسك بأوكرانيا، حتى مع تهديد روسيا بحرب أوروبية عامة.
وزعم وزير الدفاع البريطاني جون هيلي، الثلاثاء الماضي، أن الردع الموثوق لروسيا يتطلب ضمانات أمنية بـ«دعم من الولايات المتحدة»، لكن هذه الإدارة الأميركية ليست موثوقة إلى الحد الذي يجعلها غير قادرة على تقديم مثل هذه الضمانات، وبالتالي فإن القوى الأوروبية تحتاج إلى الاعتماد على جهودها الخاصة.
إجراءات مهمة
ولمواجهة مثل هذه التحديات يتعين على أوروبا اتخاذ خطوات وإجراءات مهمة، منها إشراك الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي في القمم الأوروبية، مثل تلك التي عقدت في باريس، فالمسرح مهم في العلاقات الدولية.
كما أن على جميع الدول الكبرى في الاتحاد الأوروبي أن تزيد على الفور من الإنفاق الدفاعي إلى ما يعادل 3% من ناتجها المحلي الإجمالي، إذا لم تكن قد فعلت ذلك، وأن تضع خططاً لرفعه إلى 5% في غضون السنوات الثلاث المقبلة.
ولتيسير هذه المهمة، يتعين على الدول الأوروبية أن تنشئ بنكاً حكومياً لتمويل إعادة التسلح، وهي الفكرة التي اقترحها أخيرا الجنرال البريطاني نيكولاس كارتر، والصحافي إد لوكاس، كما أيدها وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي.
وعلى الدول الأوروبية أيضاً أن تزيد من إنتاجها من الأسلحة النووية، حيث تمتلك فرنسا وبريطانيا الأسلحة والتكنولوجيا اللازمة، لكنهما لا تستطيعان تحمل تكاليف زيادة ترسانتيهما بمفردهما، لذا يتعين على الدول الكبرى الأخرى أن تساعد في دفع التكاليف.
الأسلحة الاستراتيجية
وينبغي تخصيص بعض الجهود للأسلحة الاستراتيجية التي تمتلكها فرنسا في هيئة صواريخ «كروز» تطلق من الجو.
وعلى السويد أن ترسل إلى أوكرانيا كل طائراتها المقاتلة من طراز «جريبن»، التي يبلغ عددها نحو 100 طائرة، والتي تعتبر متطلبات صيانتها منخفضة مقارنة بمتطلبات طائرات «إف-16»، والتي تجعل قدرتها على القتال دون تفوق جوي مثالية لأوكرانيا.
وعلى المملكة المتحدة أن تعيد فتح مصنع لإنتاج قذائف المدفعية على نطاق واسع، إذ كان فشلها في القيام بذلك منذ عام 2022، عندما بدأت الحرب، هو إهمال محض.
وعلى أوروبا توسيع منظمة التعاون في مجال التسلح المشترك، وهي المجموعة التي تعد المملكة المتحدة ودول عدة في الاتحاد الأوروبي أعضاء فيها بالفعل. وهذا من شأنه أن يساعد في توحيد عملية شراء العناصر الاستراتيجية التي قد تكون باهظة الكلفة بحيث لا تستطيع أي دولة شراءها (مثل الدفاعات الجوية، ومعدات النقل الجوي الاستراتيجي، وتكنولوجيا القيادة والسيطرة، وما إلى ذلك)، لكنها ضرورية للعمليات العسكرية الحديثة واسعة النطاق. عن «الفورين بوليسي»
التخطيط للطوارئ
يتعين على أوروبا أن تبدأ، إن لم تكن قد بدأت بالفعل، في التخطيط للطوارئ لخوض القتال من دون الولايات المتحدة، وذلك تحت ذريعة دبلوماسية تتمثل في الاستعداد للدفاع عن أوروبا في حالة انشغال الولايات المتحدة بصراع في آسيا، وهذا له آثار على العقيدة العسكرية، واستخدام القوة الجوية مقابل القوة البرية، والقيادة والسيطرة والخدمات اللوجستية، والتي ستحتاج إلى العمل عليها.
. خطة ترامب الرامية لتخلي أميركا عن نفوذها في أوروبا هي بمثابة هجوم قاسٍ على المصالح والأمن الأوروبيين.
0 تعليق